Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 27-29)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ } لتكبَّرُوا وأفسدُوا فيَها بَطَراً أو لعَلاَ بعضُهم على بعضٍ بالاستيلاءِ والاستعلاء ، كمَا عليهِ الجِبلَّةُ البشريةُ . وأصلُ البَغِي طلب تجاوز الاقتصادِ فيَما يُتحرَّى من حيثُ الكميَّةُ أو الكيفيَّةُ { وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ } أي بتقديرٍ { مَا يَشَاء } أنْ ينزلَهُ مما تقتضيه مشيئتُه { إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } محيطٌ بخفايا أمورهم وجلايَاها فيقدرُ لكلِّ واحدٍ منهُم في كلِّ وقتٍ من أوقاتِهم ما يليقُ بشأنِهم فيفقرُ ويُغِني ويمنعُ ويُعطِي ويَقْبِض ويبسُط حسبما تقتضيهِ الحكمةُ الربَّانيةُ . ولو أغناهُم جميعاً لبغَوا ولو أفقرهُم لهلكُوا . ورُويَ أنَّ أهلَ الصُّفَّةِ تمنَّوا الغِنَى فنزلتْ وقيل : نزلتْ في العرب كانُوا إذا أخصبوا تحاربُوا وإذا أجدبوا انتجعوا . { وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ } أي المطرَ الذي يغيثُهم من الجدب ولذلك خُصَّ بالنافعِ منه . وقرىء يُنزل من الانزال { مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } يئسوا منه وتقيـيدُ تنزيلِه بذلكَ مع تحققه بدونه أيضاً لتذكر كمالِ النعمةِ . وقُرِىءَ بكسر النون { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } أيْ بركاتِ الغيثِ ومنافعَهُ في كلِّ شيءٍ من السهلِ والجبلِ والنباتِ والحيوانِ ، أو رحمتَهُ الواسعةَ المنتظمةَ لَما ذُكِرَ انتظاماً أولياً { وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ } الذي يتولَّى عبادَهُ بالإحسان ونشرِ الرحمة { ٱلْحَمِيدِ } المستحقُ للحمدِ على ذلك لا غيرُهُ . { وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } على ما هُما عليهِ من تعاجيب الصنائع فإنَّها بذاتها وصفاتِها تدلُّ على شؤونه العظيمةِ { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا } عطفٌ على السموات أو الخلق { مِن دَابَّةٍ } من حَيَ ، على إطلاقِ اسمِ المُسبَّبِ على السببِ أو ممَّا يدبُّ على الأرضِ فإنَّ ما يختصُّ بأحد الشيئين المتجاورين يصحُّ نسبتُه إليهما كَما في قولِه تعالَى : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ سورة الرحمن ، الآية 22 ] وإنما يخرجُ من المِلحِ . وقد جُوِّز أنْ يكونَ للملائكة عليهم السَّلامُ مشيٌ مع الطيرانِ فيوصفُوا بالدبـيب وأن يخلقَ الله في السماءِ حيواناً يمشُونَ فيها مشيَ الأنَاسيِّ على الأرض كما ينبىءُ عنْهُ قولُه تعالى : { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ سورة النحل ، الآية 8 ] وقد رُويَ أن النبـيَّ صلى الله عليه وسلم قال : " فوقَ السماءِ السابعةِ بحرٌ من أسفله وأعلاهُ كَما بـينَ السماءِ والأرضِ ثمَّ فوقَ ذلكَ ثمانيةُ أوعالٍ بـين رُكَبهن وأظلافهنَّ كما بـينَ السماءِ والأرضِ ثم فوقَ ذلكَ العرشُ العظيمُ " { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } أي حشرِهم بعدَ البعثِ للمحاسبةِ . وقولُه تعالى : { إِذَا يَشَاء } متعلقٌ بما قبلَهُ لا بقوله تعالَى { قَدِيرٌ } فإنَّ المقيدَ بالمشيئةِ جمعُه تعالى لا قدرتُه ، وإذَا عندَ كونِها بمَعْنى الوقتِ كَما تدخلُ الماضِي تدخلُ المضارعَ .