Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 29-35)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضُ } مجازٌ عن عدمِ الاكتراثِ بهلاكِهم والاعتدادِ بوجودِهم ، فيهِ تهكمٌ بهِم وبحالهم المنافيةِ لحالِ من يعظمُ فقدُه فيقالُ له بكتْ عليه السماءُ والأرضُ ، ومنْهُ ( ما رُويَ إنَّ المؤمنَ ليبكي عليه مُصَّلاهُ ومحلُّ عبادتِه ومصاعدُ عملِه ومهابطُ رزقِه وآثارُه في الأرضِ ) ، وقيلَ : تقديرُه أهلُ السماءِ والأرضِ . { وَمَا كَانُواْ } لمَّا جاءَ وقتُ هلاكِهم { مُّنظَرِينَ } ممهلينَ إلى وقتٍ أخرَ أو إلى الآخرةِ ، بلْ عُجِّلَ لهم في الدُّنيا . { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } بأنْ فعلنا بفرعونَ وقومِه ما فعلنا { مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } من استعبادِ فرعونَ إيَّاهم وقتلِ أبنائِهم واستحياءِ نسائِهم على الخسفِ والضيمِ { مِن فِرْعَوْنَ } بدلٌ من العذابِ إمَّا على جعلِه نفسَ العذابِ لإفراطِه فيهِ ، وإمَّا على حذفِ المضافِ أي عذابِ فرعونَ ، أو حالٌ من المهينِ أي كائناً منْ فرعونَ . وقُرِىءَ مَنْ فرعونُ على مَعْنى هل تعرفونَهُ من هُو في عُتوِّه وتفَرْعُنِهِ ، وفي إبهامِ أمرهِ أولاً وتبـيـينِه بقولِه تعالَى { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } ثانياً من الإفصاحِ عن كُنِه أمرِه في الشرِّ والفسادِ ما لا مزيدَ عليهِ . وقولُه تعالَى منَ المُسرفينَ إمَّا خبرٌ ثانٍ لكانَ أي كان متكبراً مسرفاً ، أو حالٌ من الضميرِ في عالياً أيُ كانَ رفيعَ الطبقةِ من بـينِ المسرفينَ فائقاً لهُم بليغاً في الإسرافِ . { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَـٰهُمْ } أي بنِي إسرائيلَ { عَلَىٰ عِلْمٍ } أي عالمينَ بأنَّهم أحِقَّاءُ بالاختيارِ أو عالمينَ بأنَّهم يزيغونَ في بعضِ الأوقاتِ ويكثرُ منُهم الفرطاتُ { عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } جميعاً لكثرةِ الأنبـياءِ فيهم أو على عالَمِيْ زمانِهم { وَءاتَيْنَـٰهُم مِنَ ٱلأَيَـٰتِ } كفلْقِ البحرِ وتظليلِ الغمامِ وإنزالِ المنِّ والسَّلْوى وغيرِها من عظائمِ الآياتِ التي لم يُعهدْ مثلُها في غيرِهم . { مَا فِيهِ بَلَـٰؤٌاْ مُّبِينٌ } نعمةٌ جليةٌ أو اختبارٌ ظاهرٌ لننظرَ كيفَ يعملونَ . { إِنَّ هَـؤُلآء } يَعْني كفارَ قريشٍ لأنَّ الكلامَ فيهم وقصةُ فرعونَ وقومِه مَسوقةٌ للدلالةِ على تماثِلهم في الإصرارِ عَلَى الضِّلالةِ والتحذيرِ عن حلولِ مثلِ ما حَلَّ بهم . { لَيَقُولُونَ إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ } أي ما العاقبةُ ونهايةُ الأمرِ إلا الموتةُ الأُولى المزيلُة للحياةِ الدُّنيويةِ ، ولا قصدَ فيهِ إلى إثباتِ موتةٍ أُخْرى كمَا في قولِك حجَّ زيد الحجَّةَ الأُولى وماتَ . وقيلَ لمَّا قيلَ لهم : إنكُم تموتونَ موتةً تعقبُها حياةٌ كمَا تقدمتكم موتةٌ كذلكَ قالُوا ما هيَ إلا موتتُنا الأُولى أي ما الموتةُ التي تعقُبها حياةٌ إلا الموتةُ الأُولى وقيل : المَعْنى ليست الموتةُ إلا هذهِ الموتة دونَ الموتةِ التي تعقبُ حياةَ القبرِ كَما تزعمونَ { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } بمبعوثينَ .