Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 102-103)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ } أي سألوا هذه المسألةَ لكنْ لا عينَها بل مثلَها في كونها محظورةً ومستتْبِعة للوبال ، وعدمُ التصريح بالمثل للمبالغة في التحذير { مِن قَبْلِكُمْ } متعلق بسألها { ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا } أي بسببها أو بمرجوعها { كَـٰفِرِينَ } فإن بني إسرائيلَ كانوا يستفتون أنبـياءَهم في أشياءَ ، فإذا أُمروا بها تركوها فهلكوا . { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } ردٌّ وإبطال لما ابتدعه أهلُ الجاهلية حيث كانوا إذا نُتِجَت الناقةُ خمسةَ أبطنٍ آخرُها ذكرٌ بَحروا أُذنها أي شقُّوها وحرَّموا ركوبها ودَرَّها ، ولا تُطرد عن ماءٍ ولا عن مرعى ، وكان يقول الرجل : إذا قدِمْت من سفري أو برِئْتُ من مرضي فناقتي سائبةٌ ، وجعلَها كالبَحيرة في تحريم الانتفاعِ بها ، وقيل : كان الرجل إذا أعتق عبداً قال : هو سائبة ، فلا عقْلَ بـينهما ولا ميراث ، وإذا ولَدت الشاةُ أنثى فهي لهم وإن ولدت ذكراً فهو لآلهتهم ، وإن ولدت ذكراً وأنثى قالوا : وصَلَتْ أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم ، وإذا نُتجت من صُلب الفحل عشَرةَ أبطُنٍ قالوا : قد حمَى ظهرَه فلا يُركب ولا يُحمل عليه ولا يُمنع من ماء ولا مرعى . ومعنى ( ما جعل ) ما شرع وما وضع ، ولذلك عُدِّيَ إلى مفعول واحد هو بَحيرة وما عُطف عليها ، و ( من ) مزيدة لتأكيد النفي ، فإن الجعلَ التكوينيَّ كما يجيء تارة متعدياً إلى مفعولين وأخرى إلى واحدٍ كذلك الجعلُ التشريعيُّ يجيء مرة متعدياً إلى مفعولين كما في قوله تعالى : { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَاماً لّلنَّاسِ } [ المائدة ، الآية 97 ] وأخرى إلى واحد كما في الآية الكريمة . { وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } حيث يفعلون ما يفعلون ويقولون : الله أمرنا بهذا ، وإمامُهم عمْروُ بنُ لُحَيَ ، فإنه أولُ من فعل هذه الأفاعيلَ الباطلة ، هذا شأن رؤسائهم وكُبرَائهم { وَأَكْثَرُهُمُ } وهم أراذلُهم الذين يتبعونهم من معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يشهد به سياقُ النظم الكريم { لاَ يَعْقِلُونَ } أنه افتراء باطلٌ حتى يخالفوهم ويهتدوا إلى الحق بأنفسهم فيبقَوْن في أسر التقليد ، وهذا بـيان لقصور عقولِهم وعجزِهم عن الاهتداء بأنفسهم .