Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 21-22)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } كرر النداء بالإضافة التشريفية اهتماماً بشأن الأمر ومبالغةً في حثهم على الامتثال به ، والأرضُ هي أرضُ بـيت المقدس ، سُمِّيت بذلك لأنها كانت قرارَ الأنبـياء ومسكنَ المؤمنين . وقيل : هي الطورُ وما حوله ، وقيل : دمشقُ وفِلَسطينُ وبعضُ الأردن ، وقيل : هي الشام { الَّتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } أي كتَبَ في اللوح المحفوظ أنها تكونُ مسكناً لكم إن آمنتم وأطعتم لقوله تعالى لهم بعد ما عصَوْا : { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } [ المائدة ، الآية 26 ] وقولِه تعالى : { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَـٰرِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَـٰسِرِينَ } فإن ترتيبَ الخَيبة والخُسران على الارتداد يدل على اشتراط الكَتْب بالمجاهدة المترتِّبة على الإيمان والطاعة قطعاً ، أي لا ترجِعوا مُدبرين خوفاً من الجبابرة ، فالجار والمجرور متعلقٌ بمحذوفٍ هو حال من فاعل ترتدوا ، ويجوز أن يتعلق بنفس الفعل ، قيل : لما سمعوا أحوالهم من النقباء بكَوْا وقالوا : يا ليتنا مِتْنا بمصر ، تعالَوْا نجعلُ لنا رأساً ينصرِفْ بنا إلى مصر ، أو لا ترتدوا عن دينكم بالعصيان وعدم الوثوق بالله تعالى ، وقوله : ( فتنقلبوا ) إما مجزومٌ عطفا على ترتدوا ، أو منصوبٌ على جواب النهي ، والخُسران خُسرانُ الدين والدنيا لا سيما دخولُ ما كتب لهم . { قَالُواْ } استئناف مبنيٌّ نشأ من مَساق الكلام كأنه قيل : فماذا قالوا بمقابلة أمرِه عليه السلام ونهيِه ؟ فقيل : قالوا غيرَ ممتثِلين بذلك : { يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } متغلِّبـين لا يتأتّى منازعتهم ولا يتسنى مناصبتهم . والجبارُ العاتي الذي يُجبرُ الناسَ ويقسرهم كائناً من كان على ما يريده كائناً ما كان ، فعّال من جبرَه على الأمر أي أجْبَره عليه { وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا } من غير صُنْع مِنْ قِبَلِنا ، فإنه لا طاقة لنا بإخراجهم منها { فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا } بسببٍ من الأسباب التي لا تعلُّقَ لنا بها { فَإِنَّا دٰخِلُونَ } حينئذ ، أتَوْا بهذه الشرطية مع كون مضمونها مفهوماً مما سبق من توقيت عدمِ الدخول بخروجهم منها تصريحاً بالمقصود وتنصيصاً على أن امتناعهم من دخولها ليس إلا لمكانهم فيها ، وأتَوا في الجزاء بالجملة الاسمية المصدرة بحرف التحقيق دلالةً على تقرُّر الدخول وثباتِه عند تحقّق الشرط لا محالة ، وإظهاراً لكمال الرغبة فيه ، وفي الامتثال بالأمر .