Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 23-24)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ رَجُلاَنِ } استئنافٌ كما سبق كأنه قيل : هل اتفقوا على ذلك أو خالفهم البعض ؟ فقيل : قال رجلان : { مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } أي يخافون الله تعالى دون العدوِّ ويتّقونه في مخالفة أمرِه ونهيِه ، وبه قرأ ابنُ مسعود ، وفيه تعريضٌ بأن مَنْ عداهما لا يخافونه تعالى . بل يخافون العدو . وقيل : من الذين يخافون العدو أي منهم في النسب لا في الخوف وهما يوشَعُ بنُ نون وكالب بن يوقنا من النقباء ، وقيل : هما رجلان من الجبابرة أسلما وسارا إلى موسى عليه السلام ، فالواو حينئذ لبني إسرائيلَ ، والموصول عبارة عن الجبابرة ، وإليهم يعود العائد المحذوف ، أي من الذين يخافهم بنو إسرائيل ويعضده قراءة من قرأ ( يُخافون ) على صيغة المبني للمفعول أي المَخُوفين ، وعلى الأول يكون هذا من الإحافة أي من الذين يخوِّفون من الله تعالى بالتذكير أو يخوِّفهم الوعيدُ { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } أي بالتثبـيت وربْطِ الجأش والوقوف على شؤونه تعالى والثقة بوعده ، أو بالإيمان وهو صفة ثانيةٌ لرجلان ، أو اعتراض ، وقيل : حال من الضمير في يخافون أو من رجلان لتخصّصه بالصفة ، أي قالا مخاطِبـين لهم ومشجعين { ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ } أي بابَ بلدهم ، وتقديم الجار والمجرور عليه للاهتمام به لأن المقصودَ إنما هو دخولُ الباب وهم في بلدهم أي باغِتوهم وضاغِطوهم في المَضيق وامنعوهم من البُروز إلى الصحراء لئلا يجدوا للحرب مجالاً { فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ } أي باب بلدهم وهم فيه { فَإِنَّكُمْ غَـٰلِبُونَ } من غير حاجة إلى القتال فإنا قد رأيناهم وشاهدنا أن قلوبَهم ضعيفة ، وإن كانت أجسادُهم عظيمة ، فلا تخشَوْهم واهجُموا عليهم في المضايق فإنهم لا يقدرون فيها على الكر والفر . وقيل : إنما حَكَما بالغَلَبة لما عَلِماها من جهة موسى عليه السلام ومن قوله تعالى : { كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } [ المائدة ، الآية 21 ] أو لِما علِما من سنّته تعالى في نَصْره ورسلَه وما عهِدا من صُنعه تعالى لموسى عليه السلام من قهر أعدائه ، والأول أنسبُ بتعليق الغلَبةِ بالدخول . { وَعَلَى ٱللَّهِ } تعالى خاصةً { فَتَوَكَّلُواْ } بعد ترتيب الأسباب ولا تعتمدوا عليها فإنها بمعزلٍ من التأثير ، وإنما التأثير من عند الله العزيز القدير { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي مؤمنين به تعالى مصدِّقين لوعده فإن ذلك مما يوجبُ التوكل عليه حتماً { قَالُواْ } استئنافٌ كما سبق أي قالوا غيرَ مبالين بهما وبمقالتهما مخاطِبـين لموسى عليه السلام إظهاراً لإصرارهم على القول الأول وتصريحاً بمخالفتهم له عليه السلام { يَـٰمُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا } أي أرضَ الجبابرة فضلاً عن دخول بابهم وهم في بلدهم { أَبَدًا } أي دهراً طويلاً { مَّا دَامُواْ فِيهَا } أي في أرضهم وهو بدل من ( أبداً ) بدلَ البعض أو عطفُ بـيان { فَٱذْهَبْ } الفاء فصيحة أي فإذا كان الأمر كذلك فاذهب { أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا } أي فقاتلاهم ، إنما قالوا ذلك استهانةً واستهزاء به سبحانه وبرسوله ، وعدمَ مبالاةٍ بهما ، وقصدوا ذهابَهما حقيقةً كما يُنْبىء عنه غايةُ جهلِهم وقسوةُ قلوبهم ، وقيل : أرادوا إرادتَهما وقصْدَهما كما تقول : كلمتُه فذهب يجيبني ، كأنهم قالوا : فأَرِيدا قتالَهم واقْصِداهم . وقيل : التقدير فاذهبْ أنت وربُك يُعينُك ، ولا يساعده قوله تعالى : { فَقَاتِلا } ولم يذكروا هارون ولا الرجلين كأنهم لم يجزموا بذهابهم أو لم يعبأوا بقتالهم وقوله تعالى : { إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ } يؤيد الوجه الأول وأرادوا بذلك عدمَ التقدم لا عدمَ التأخر .