Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 26-33)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُواْ } أي المسؤولونَ وهم كلُّ واحدٍ في الحقيقةِ { إِنَّا كُنَّا قَبْلُ } أي في الدُّنيا { فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } أرقاءَ القلوبِ خائفينَ من عصيانِ الله تعالى معتنين بطاعتِه أو وجلين من العاقبةِ { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بالرحمةِ أو التوفيقِ للحقِّ { وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } عذابَ النارِ النافذةِ في المسامِّ نفوذَ السمومِ وقُرىءَ ووقَّانا بالتشديدِ { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ } أيْ نعبدُه أو نسألُه الوقايةَ { إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ } المحسنُ { ٱلرَّحِيمِ } الكثيرُ الرحمةِ الذي إذا عُبدَ أثابَ وإذا سُئلَ أجابَ وقُرِىءَ أنَّه بالفتحِ بمَعْنى لأَنَّه { فَذَكّرْ } فاثبُت على ما أنتَ عليهِ من التذكيرِ لما أُنزلَ إليك من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ ولا تكترثْ بما يقولونَ مما لا خيرَ فيه من الأباطيل . { فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ } بحمدِه وإنعامِه بصدقِ النبوةِ ورجاحةِ العقلِ { بِكَـٰهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } كما يقولونَ قاتلهم الله أنَّى يُؤفكون { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } وهو ما يقلقُ النفوسَ ويشخصُ بَها من حوادثِ الدهرِ وقيلَ : المنونُ الموتُ وهو في الأصلِ فَعُولٌ مَنَّه مَه إذا قطَعُه لأنَّ الموتَ قطوعٌ أي بلَ أيقولونَ ننتظرُ به نوائبَ الدهرِ { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّى مَعَكُمْ مّنَ ٱلْمُتَرَبّصِينَ } أتربصُ هلاككُم كما تتربصونَ هلاكيَ وفيه عِدةٌ كريمةٌ بإهلاكِهم { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُمْ } أي عقولُهم { بِهَـٰذَا } أي بهذا التناقضِ في المقالِ فإن الكاهنَ يكونُ ذا فطنةٍ ودقةٍ نظرِ في الأمورِ والمجنونَ مُغطى عقلُه مختلٌّ فكرُهُ والشاعرَ ذُو كلامٍ موزونٍ متسقٍ مخيلٍ فكيفَ يجتمعُ أوصافُ هؤلاءِ في واحدٍ . وأمرُ الأحلامِ بذلكَ مجازٌ عن أدائِها إليهِ { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } مجاوزونَ الحدودَ في المكابرةِ والعنادِ لا يحومونَ حولَ الرشدِ والسَّدادِ ، ولذلك يقولونَ ما يقولونَ من الأكاذيبِ الخارجةِ عن دائرةِ العقولِ والظنونِ وقُرِىءَ بَلْ هُمْ { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } أي اختلقَهُ من تلقاءِ نفسِه { بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } فلكفرهم وعنادِهم يرمونَ بهذه الأباطيل التي لا يخفى على أحدٍ بطلانُها ، كيف لا وما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا واحدٌ من العربِ فكيف أتى بما عجزَ عنه كافةٌ الأممِ من العربِ والعجمِ .