Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 2-3)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } شارفنَ آخرَ عدتِهِنَّ { فَأَمْسِكُوهُنَّ } فراجعوهنَّ { بِمَعْرُوفٍ } بحسنِ معاشرةٍ وإنفاقٍ لائقٍ { أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } بإيفاءِ الحقِّ واتقاءِ الضررِ بأنْ يراجعَهَا ثم يُطلقهَا تطويلاً للعدةِ { وَأَشْهِدُواْ ذَوِى عَدْلٍ مّنْكُمْ } عند الرجعةِ والفرقةِ قطعاً للتنازعِ ، وهذا أمرُ ندبٍ كما في قولِهِ تعالَى : { وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } [ سورة البقرة ، الآية 282 ] ويُروَى عن الشافعي أنه للوجوبِ في الرَّجعَةِ { وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ } أيُّها الشهودُ عندَ الحاجةِ خالصاً لوجِههِ تعالَى : { ذٰلِكُمْ } إشارةٌ إلى الحثِّ على الإشهادِ والإقامةِ أو على جميعِ ما في الآيةِ { يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } إذْ هو المنتفعُ بهِ والمقصودُ تذكيرُهُ وقولُهُ تعالَى : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } الخ جملةٌ اعتراضيةٌ مؤكدةٌ لما سبقَ منْ وجوبِ مراعاةِ حدودِ الله تعالى بالوعدِ على الاتقاءِ عن تعدِّيها كَما أن ما تقدمَ من قولِهِ تعالَى : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } [ سورة الطلاق ، الآية 1 ] مؤكدٌ لهُ بالوعيدِ على تعدِّيها فالمعنَى ومنْ يتقَ الله فطلقَ للسنةِ ولم يُضارَّ المعتدةَ ولم يُخرجها من مسكنِهَا واحتاطَ في الإشهادِ وغيرِهِ من الأمورِ { يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } مما عَسَى يقعُ في شأنِ الأزواجِ من الغُمومِ والوقوعِ في المضايقِ ويفرجْ عنه ما يعتريهِ من الكُروبِ { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } أي من وجهٍ لا يخطرُ ببالِهِ ولا يحتسبُهُ ويجوزُ أن يكونَ كلاماً جيءَ بهِ على نهجِ الاستطرادِ عند ذكرِ قولِهِ تعالى : { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } [ سورة الطلاق ، الآية 2 ] إلى آخرِهِ فالمَعْنَى ومن يتقِ الله في كلِّ ما يأتي وما يذرُ يجعلْ لهُ مخرجاً ومخلصاً من غمومِ الدُّنيا والآخرةِ فيندرجُ فيهِ ما نحنُ فيهِ اندراجاً أولياً . عن النبـيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ أنه قرأَها فقالَ : " مخرجاً من شبهاتِ الدُّنيا ومن غمراتِ الموتِ ومن شدائدِ يومِ القيامةِ " وقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : " إني لأعلمُ آيةً لو أخذَ الناسُ بها لكفتْهُم " { ومن يتقِ الله } فما زال يقرؤها ويعيدُهَا . ورُوِيَ " أن عوفَ بنَ مالكٍ الأشجعيَّ أسرَ المشركونَ ابنَهُ سالماً فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أسرَ ابنِي وشكَا إليهِ الفاقةَ " فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : " اتقِ الله وأكثِرْ قولَ لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العليِّ العظيمِ " ففعلَ فبـينَا هُو في بـيتِهِ إذ قرعَ ابنُهُ البابَ ومعهُ مائةٌ من الإبلِ غفلَ عنها العدوُّ فاستاقَهَا فنزلتْ . { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } أيْ كافيهِ في جميعِ أمورِهِ { إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِ } بالإضافةِ أي منفذُ أمرِهِ وقُرِىءَ بتنوينِ بالغُ ونصبِ أمرِهِ أيْ يبلغُ ما يريدُهُ لا يفوتُهُ مرادٌ ولا يُعجزُه مطلوبٌ ، وقُرِىءَ برفعِ أمرِهِ على أنَّه مبتدأٌ وبالغٌ خبرٌ مقدمٌ ، والجملةُ خبرُ إنَّ أو بالغٌ خبر إنَّ ، وأمرُهُ مرتفعٌ بهِ على الفاعليةِ أي نافذ أمرُهُ . وقُرِىءَ بالغاً أمرَهُ على أنَّه حالٌ وخبرُ إنَّ قولُهُ تعالَى : { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلّ شَىْء قَدْراً } أي تقديراً وتوقيتاً أو مقداراً وهُو بـيانٌ لوجوبِ التوكلِ عليهِ تعالَى ، وتفويضُ الأمرِ إليهِ لأنَّه إذا علمَ أنَّ كلَّ شيءٍ من الرزقِ وغيرِه لا يكونُ إلا بتقديرِه تعالَى لا يبقى إلا التسليمُ للقدرِ والتوكلُ على الله تعالى .