Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-9)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقولُه تعالى : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } استئنافٌ وقعَ جواباً عن سؤالٍ نشأَ مما قبلَهُ من الحثِّ عَلى التَّقوى كأنَّه قيلَ كيفَ نعملُ بالتَّقوى في شأنِ المعتداتِ فقيلَ أسكنوهنَّ مسكناً من حيثُ سكنتُم أي بعضَ مكانٍ سكناكم . وقولُه تعالَى : { مّن وُجْدِكُمْ } أي من وُسعِكم أي مما تطيقونَهُ عطفُ بـيانٍ لقولِهِ من حيثُ سكنتُم وتفسيرٌ لهُ . { وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } أيْ في السُّكنى { لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ } وتُلْجئوهنَّ إلى الخروجِ { وَإِن كُنَّ } أي المطلقاتُ { أُوْلَـٰتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فيخرُجنَ من العدةِ ، أما المُتوفَّى عنهنَّ أزواجُهنَّ فلا نفقةَ لهُنَّ { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } بعدَ ذلكَ { فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } على الإرضاعِ { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } أي تشاورُوا ، وحقيقتُه ليأمرْ بعضُكم بعضاً بجميلٍ في الإرضاعِ والأجرِ ولاَ يكُن من الأبِ مماكسة ولا من الأمِّ مُعاسرةٌ { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } أي تضايقتُم { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } أي فستوجَدُ ولا تُعوزُ مرضعةٌ أُخرى ، وفيه معاتبةٌ للأمِّ على المعاسرةِ { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ } وإنْ قلَّ أي لينفقْ كُلُّ واحدٍ من الموسرِ والمعسرِ ما يبلغُه وسعُه { لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ءاتَاهَا } جَلَّ أو قَلَّ فإنَّه تعالَى لا يكلفُ نفساً إلا وُسعَها وفيهِ تطيـيبٌ لقلبِ المُعسرِ وترغيبٌ لهُ في بذلِ مجهودِهِ وقد أُكِّدَ ذلكَ بالوعدِ حيثُ قيلَ { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أي عاجلاً أو آجلاً . { وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ } أي كثيرٌ من أهلِ قريةٍ { عَتَتْ } أي أعرضتْ { عَنْ أَمْرِ رَبّهَا وَرُسُلِهِ } بالعُتوِّ والتمردِ والعنادِ { فَحَاسَبْنَـٰهَا حِسَاباً شَدِيداً } بالاستقصاءِ والتنفيرِ والمناقشةِ في كلِّ نقيرٍ وقِطْميرٍ { وَعَذَّبْنَـٰهَا عَذَاباً نُّكْراً } أي مُنكراً عظيماً . وقُرِىءَ نكراً ، والمرادُ حسابُ الآخرةِ وعذابُها ، والتعبـيرُ عنهما بلفظِ الماضِي للدلالةِ على تحققِهِما كما في قولِه تعالَى : { وَنَادَى أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } [ سورة الأعراف ، الآية 44 ] { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَـٰقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } هائلاً لا خُسَر وراءَهُ .