Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-27)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا بني آدم } خطابٌ للناس كافةً ، وإيرادُهم بهذا العنوان مما لا يخفى سرُّه { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا } أي خلقناه لكم بتدبـيرات سماويةٍ وأسبابٍ نازلةٍ منها ، ونظيرُه { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ } [ الزمر ، الآية 6 ] الخ ، وقوله تعالى : { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } الحديد ، الآية 25 ] { يُوٰرِى سَوْآتكم } التي قصد إبليسُ إبداءَها من أبويكم حتى اضطُروا إلى خصف الأوراق وأنتم مستغنون عن ذلك . وروي أن العرب كانوا يطوفون بالبـيت عرايا ويقولون : لا نطوف بثياب عصينا الله تعالى فيها فنزلت . ولعل ذكر قصةِ آدمَ عليه السلام حينئذ للإيذان بأن انكشافَ العورة أولُ سوءٍ أصاب الإنسان من قِبَل الشيطان ، وأنه أغواهم في ذلك كما أغوى أبويهم { وَرِيشًا } ولباساً تتجملون به ، والريشُ الجمالُ وقيل : مالاً ، ومنه ترّيش الرجلُ أي تموّل وقرىء رياشاً وهو جمعُ ريشٍ كشِعْب وشِعاب { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ } أي خشيةُ الله تعالى ، وقيل : الإيمانُ ، وقيل : السمتُ الحسَنُ ، وقيل : لباسُ الحرب ، ورفعُه بالابتداء خبرُه جملةُ { ذٰلِكَ خَيْرٌ } أو خبرٌ وذلك صفتُه كأنه قيل : ولباسُ التقوى المشارُ إليه خيرٌ وقرىء ولباسَ التقوى بالنصب عطفاً على لباساً { ذٰلِكَ } أي إنزالُ اللباس { مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ } دالةٌ على عظيم فضلِه وعميمِ رحمتِه { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } فيعرِفون نعمتَه أو يتّعظون فيتورّعون عن القبائح . { يا بني آدم } تكريرُ النداءِ للإيذان بكمال الاعتناءِ بمضمون ما صدر به ، وإيرادُهم بهذا العنوان مما لا يخفى سببُه { لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي لا يوقِعنّكم في الفتنة والمحنة بأن يمنعَكم من دخول الجنة { كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مّنَ ٱلْجَنَّةِ } نعتٌ لمصدر محذوفٍ أي لا يفتِننّكم فتنةً مثلَ إخراجِ أبويكم ، وقد جُوّز أن يكون التقديرُ لا يُخرِجَنكم بفتنته إخراجاً مثلَ إخراجِه لأبويكم ، والنهيُ وإن كان متوجهاً إلى الشيطان لكنه في الحقيقة متوجِّهٌ إلى المخاطبـين كما في قولك : لا أُرَينّك هٰهنا ، وقد مر تحقيقُه مراراً { يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتهما } حال من أبويكم أو من فاعل أخرج ، وإسنادُ النزعِ إليه للتسبـيب ، وصيغةُ المضارعِ لاستحضار الصورة ، وقوله تعالى : { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ } أي جنودُه وذريتُه استئنافٌ لتعليل النهي وتأكيدِ التحذيرِ لا منه { مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } ( من ) لابتداء غايةِ الرؤيةِ ، وحيث ظرفٌ لمكان انتفاءِ الرؤية ولا ترَوْنهم في محل الجرِّ بإضافة الظرفِ إليه ، ورؤيتُهم لنا من حيث لا نراهم لا تقتضي امتناعَ رؤيتِنا لهم مطلقاً واستحالةَ تمثّلِهم لنا . { إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَـٰطِينَ } جُعل قبـيلُه من جملته فجُمع { أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي جعلناهم بما أوجدنا بـينهم من المناسبة أو بإرسالهم عليهم وتمكينِهم من إغوائهم وحملِهم على ما سوّلوا لهم أولياءَ أي قُرناءَ مسلّطين عليهم ، والجملة تعليلٌ آخرُ للنهي وتأكيدٌ للتحذير إثرَ تحذير .