Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 7-11)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقولُه تعالى : { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } استئنافٌ مسوقٌ لبـيان ما لأجلِه رُزقُوا ما ذُكِرَ من النعيمِ مشتملٌ على نوع تفصيلٍ لما ينبىءُ عنه اسمُ الأبرارِ إجمالاً كأنَّه قيلَ : ماذَا يفعلونَ حتَّى ينالُوا تلكَ الرتبةَ العاليةَ ؟ فقيلَ : يُوفون بما أَوجبُوه على أنفسِهم فكيفَ بما أوجبَهُ الله تعالَى عليهم { وَيَخَـٰفُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ } عذابُه { مُسْتَطِيراً } فاشياً مُنتشراً في الأقطارِ غايةَ الانتشارِ ، من استطارَ الحريقُ والفجرُ وهُو أبلغُ من طارَ بمنزلة استنفرَ منْ نفرَ { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبّهِ } أي كائنينَ على حُبِّ الطَّعامِ والحاجةِ إليهِ كما في قولِه تعالَى : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ سورة آل عمران ، الآية 92 ] أي على حُبِّ الإطعامِ بأنْ يكونَ ذلكَ بطيبِ النفسِ أو كائنينَ على حُبِّ الله تعالَى أو إطعاماً كائناً على حُبِّه تعالَى وهُو الأنسبُ لما سيأتِي من قولِه تعالَى لوجهِ الله { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } أيَّ أسيرٍ " فإنَّه كانَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ يُؤتَى بالأسيرِ فيدفعُه إلى بعضِ المسلمينَ فيقولُ : " أَحْسِنْ إليهِ " أو أسيراً مؤمناً فيدخلُ فيه المملوكُ والمسجونُ وقد سَمَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغريمَ أسيراً فقال : " غَريمُكَ أسيرُكَ فأحسِنْ إلى أسيرِكَ " { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ } على إرادة قولٍ هو في موقع الحالِ من فاعلِ يطعمونَ أي قائلينَ ذلكَ بلسانِ الحالِ أو بلسانِ المقالِ إزاحةً لتوهمِ المنِّ المبطلِ للصدقةِ وتوقعِ المكافأةِ المنقصةِ للأجرِ . وعن الصديقةِ رضيَ الله تعالَى عنها أنَّها كانتْ تبعثُ بالصدقةِ إلى أهلِ بـيتٍ ثم تسألُ الرسولَ ما قالُوا ؟ فإذَا ذكرَ دعاءَهُم دعتْ لَهُم بمثلِه ليبقَى ثوابُ الصدقةِ لها خالصاً عندَ الله تعالَى { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُوراً } وهو تقريرٌ وتأكيدٌ لما قبلَهُ . { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا يَوْماً } أي عذابَ يومٍ { عَبُوساً } يعبسُ فيه الوجُوه أو يُشبه الأسدَ العَبُوسَ في الشِّدةِ والضَّراوةِ { قَمْطَرِيراً } شديدَ العُبوسِ فلذلكَ نفعلُ بكُم ما نفعلُ رجاءَ أنْ يقينَا ربُّنا بذلكَ شرَّه ، وقيلَ : هو تعليلٌ لعدم إرادةِ الجزاءِ والشكورِ أي إنَّا نخافُ عقابَ الله تعالى إنْ أردناهُمَا { فَوَقَـٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ } بسبب خوفِهم وتحفظِهم عنه { وَلَقَّـٰهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً } أي أعطاهُم بدلَ عبوسِ الفُجَّارِ وحُزنِهم نضرةً في الوجوه وسُروراً في القلوبِ .