Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 40-40)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } أي إن لم تنصُروه فسينصُره الله الذي قد نصره في وقت ضرورةٍ أشدَّ من هذه المرة ، فحُذف الجزاءُ وأقيم سببُه مُقامَه أو إن لم تنصُروه فقد أوجب له النُصرة حتى نصره في مثل ذلك الوقت فلن يخذُله في غيره { إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي تسببوا لخروجه حيث أُذن له عليه الصلاة والسلام في ذلك حين همّوا بإخراجه { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ } حالٌ من ضميره عليه الصلاة والسلام ، وقرىء بسكون الياء على لغة من يُجري الناقصَ مُجرى المقصور في الإعراب ، أي أحدَ اثنين من غير اعتبار كونِه عليه الصلاة والسلام ثانياً فإن معنى قولِهم : ثالثُ ثلاثةٍ ورابعُ أربعةٍ ونحوُ ذلك أحدُ هذه الأعدادِ مطلقاً لا الثالثُ والرابعُ خاصة ، ولذلك منع الجمهورُ أن يُنصَبَ ما بعده بأن يقال : ثالثٌ ثلاثةً ورابعٌ أربعةً ، وقد مر في قوله تعالى : { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَـٰلِثُ ثَلَـٰثَةٍ } [ المائدة : 73 ] من سورة المائدة وجعلُه عليه الصلاة والسلام ثانيَهما لمشي الصديقِ أمامَه ودخولِه في الغار أولاً لكنسه وتسويةِ البِساط له كما ذكر في الأخبار تمحّلٌ مُستغنىً عنه { إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ } بدلٌ من إذ أخرجه بدلَ البعضِ إذ المرادُ به زمانٌ متسعٌ والغارُ ثقبٌ في أعلى ثوْرٍ وهو جبلٌ في يُمنىٰ مكةَ على مسيرة ساعةٍ مكثاً فيه ثلاثاً . { إِذْ يَقُولُ } بدلٌ ثانٍ أو ظرفٌ لثانيَ { لِصَاحِبِهِ } أي الصدّيق { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } بالعون والعصمةِ والمرادُ بالمعية الولايةُ الدائمةُ التي لا تحوم حول صاحبِها شائبةُ شيءٍ من الحزن ، وما هو المشهورُ من اختصاص مَعَ بالمتبوع فالمرادُ بما فيه من المتبوعية في الأمر المباشر ، ( روي " أن المشركين لما طلعوا فوق الغار فأشفق أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنْ نُصَبْ اليومَ ذهب دينُ الله فقال عليه الصلاة والسلام : " ما ظنُّك باثنين الله ثالثُهما ؟ " وقيل : ( لما دخلا الغارَ بعث الله تعالى حمامتين فباضتا في أسفله والعنكبوتَ فنسَجت عليه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أعمِ أبصارَهم " فجعلوا يترددون حول الغار ولا يفطَنون قد أخذ الله تعالى أبصارهم عنه ) ، وفيه من الدِلالة على علو طبقةِ الصّدّيق رضي الله عنه وسابقةِ صُحبتِه ما لا يخفى ، ولذلك قالوا : من أنكر صُحبةَ أبـي بكر رضى الله عنه فقد كفر لإنكاره كلامَ الله سبحانه وتعالى { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } أمَنتَه التي تسكُن عندها القلوب { عَلَيْهِ } على النبـي صلى الله عليه وسلم فالمرادُ بها ما لا يحوم حوله شائبةُ الخوفِ أصلاً أو على صاحبه إذ هو المنزعِج ، وأما النبـي صلى الله عليه وسلم فكان على طُمَأْنينة من أمره { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا } عطفٌ على نصره الله والجنودُ هم الملائكةُ النازلون يوم بدرٍ والأحزابِ وحُنينٍ ، وقيل : هم الملائكةُ أنزلهم الله ليحرِسوه في الغار ويأباه وصفُهم بعدم رؤيةِ المخاطَبـين لهم وقوله عز وعلا : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ } يعني الشركَ أو دعوةَ الكفرِ فإن ذلك الجعلَ لا يتحقق بمجرد الأنجاءِ بالقتل والأسر ونحو ذلك { وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ } أي التوحيدُ أو دعوةُ الإسلام { هِىَ ٱلْعُلْيَا } لا يدانيها شيءٌ ، وتغيـيرُ الأسلوب للدِلالة على أنها في نفسها كذلك لا يتبدل شأنُها ولا يتغيرُ حالُها دون غيرِها من الكلم ولذلك وُسِّط ضميرُ الفصلِ ، وقرىء بالنصب عطفاً على كلمة الذين { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } لا يغالب { حَكِيمٌ } في حكمه وتدبـيره .