Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 33-33)
Tafsir: Maǧmaʿ al-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ أهل الكوفة عقدت بغير ألف والباقون عاقدت بألف . الحجة : قال أبو علي : الذكر الذي يعود من الصلة إلى الموصول ينبغي أن يكون ضميراً منصوباً ، فالتقدير والذين عَاقَدَتْهم أيمانكم فجعل الأيمان في اللفظ هي المعاقدة ، والمعنى على الحالفين الذين هم أصحاب الإيمان ، والمعنى والذين عاقدت حلفهم أيمانكم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فعاقدت أشبه بهذا المعنى لأن لكل نفر من المعاقدين يميناً على المحالفة ومن قال عقدت أيمانكم ، كان المعنى عقدت حلفهم أيمانكم فحذف الحلف وأقام المضاف إليه مقامه ، والذين قالوا عاقدت حملوا الكلام على لفظ الإيمان لأن الفعل لم يسند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ إنما أسند إلى الأيمان . اللغة : أصل المولى من ولي الشيء يليه ولاية وهو اتصال الشيء بالشيء من غير فاصل والمولى يقع على وجوه المعتق والمعتق وابن العم والورثة والحليف والولي والسيد المطاع والأولى بالشيء ، والأحق وهو الأصل في الجميع فسمي المُعْتِق مولى ، لأنه أولى بميراث المُعتق والمُعتق أولى بنَصرة المُعتِق من غيره ، وابن العم أولى بنصرة ابن عمه لقرابته ، والورثة أولى بميراث الميت من غيرهم ، والحليف أولى بأمر محالفه للمحالفة التي جرت بينهما ، والولي أولى بنصرة من يواليه ، والسيد أولى بتدبير من يسوده من غيره ، ومنه الخبر " أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها " أي مَنْ هو أولى بالعقد عليها . وقال أبو عبيدة في قولـه تعالى { النار مولاكم } [ الحديد : 15 ] معناه : أي هي أولى بكم وأنشد بيت لبيد : @ فَغَدَتْ ، كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّهُ مَوْلَى المَخافَةِ خَلْفُها وَأَمامُها @@ والأيمان : جمع اليمين وهو اسم يقع على القسم والجارحة والقوة والأصل فيه الجارحة وذلك أنهم كانوا يضربون الصفقة للبيع والبيعة بأيمانهم ، فيأخذ بعضهم بيد بعض على الوفاء ، والتمسك بالعهد ثم يتحالفون عليه فسمي القسم يميناً وقال : @ إذا ما رايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاها عرابَةُ بِاليَمينِ @@ أي بالقوة . الإعراب : قولـه مما ترك الوالدان الجار والمجرور وقع موقع الصفة لقولـه موالي أي موالي كائنين مما ترك أي خلف الوالدان والأقربون والذين عقدت إيمانكم معطوف على قولـه الوالدان والأقربون ، فيكون مرفوع الموضع ، ويحتمل أن يكون مما ترك الوالدان والأقربون متعلقاً بفعل محذوف وتقديره موالي يعطون مما ترك الوالدان والأقربون ، ويكون والذين عقدت إيمانكم مبتدأ ، وقولـه فآتوهم نصيبهم خبره . المعنى : ثم عاد سبحانه إلى ذكر المواريث فقال { ولكل } واحد من الرجال والنساء { جعلنا موالي } أي ورثة هم أولى بميراثه عن السدي . وقيل : عصبة عن ابن عباس والحسن والأول أصح لقولـه سبحانه : { فهب لي من لدنك ولياً يرثني } [ مريم : 6 ] فجعله مولى لما يرث وولياً له لما كان أولى به من غيره ، ومالكاً له كما يقال : المالك العبد مولاه { مما ترك الوالدان } أي يرثون أو يعطون مما ترك الوالدان { والأقربون } الموروثون { والذين عقدت أيمانكم } أي ويرثون مما ترك الذين عقدت أيمانكم لأن لهم ورثة أولى بميراثهم ، فيكون قولـه : والذين عقدت أيمانكم عطفاً على قولـه الوالدان والأقربون . { فآتوهم نصيبهم } أي فآتوا كلاً نصيبه من الميراث ، وهذا اختيار الجبائي . وقال الحليف لم يؤمر له بشيء أصلاً . وقال أكثر المفسرين : إن قولـه : والذين عاقدت أيمانكم مقطوع من الأول ، فكأنه قال : والذين عاقدت إيمانكم أيضاً فآتوهم نصيبهم ، ثم اختلفوا فيه على أقوال : أحدها : أن المراد بهم الحلفاء عن قتادة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك . وقالوا : إن الرجل في الجاهلية كان يعاقد الرجل ، فيقول دمي دمك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف ، وعاقد أبو بكر مولى فورثه فذلك قولـه : { فآتوهم نصيبهم } أي أعطوهم حظهم من الميراث ثم نسخ ذلك بقولـه : { وأُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } [ الأنفال : 75 ] وقال مجاهد : معناه فآتوهم نصيبهم من النصر والعقل والرفد ، ولا ميراث . فعلى هذا تكون الآية غير منسوخة ويؤيده قولـه تعالى : { أوفوا بالعقود } [ المائدة : 1 ] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم فتح مكة : " ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفاً في الإسلام " وروى عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله قال : " شهدت حلف المطيبين وأنا غلام مع عمومتي ، فما أحبّ أن لي حمر النعم وأَني أنكثه " . وثانيها : أن المراد بهم قوم آخى بينهم رسول الله من المهاجرين والأنصار حين قدموا المدينة ، وكانوا يتوارثون بتلك المؤاخاة ، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض عن ابن عباس ، وابن زيد وثالثها : أنهم الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ، ومنهم زيد مولى رسول الله فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت بوصية فذلك قولـه : { فآتوهم نصيبهم } عن سعيد بن النسيب { إن الله كان على كل شيء شهيداً } أي لم يزل عالماً بجميع الأشياء مُطَّلِعاً عليها جَلِّيها وخَفِّيها .