Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 34-34)
Tafsir: Maǧmaʿ al-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ أبو جعفر وحده بما حفظ الله بالنصب ، والباقون بالرفع ، وقرىء في الشواذ فالصوالح قوانت قرأه طلحة بن مُصَرَّف . الحجة : قولـه حفظ الله يكون على حذف المضاف كأنه قال : حفظ عهد الله أو دين الله كقولـه تعالى { وإن تنصروا الله } [ محمد : 7 ] أي تنصروا دين الله ، وحَذْفُ المضاف كثير في الكلام ، والوجه في قراءة من قرأ ، فالصَوالح قوانت إن جمع التكسير يدلّ على الكثرة ، والألف والتاء موضوعتان للقلة فهما على حدّ التثنية بمنزلة الزيدين من الواحد ، فيكون من الثلاث إلى العشرة والكثرة أليق بهذا الموضع ، غير أن الألف والتاء قد جاء أيضاً على معنى الكثرة كقولـه : { المسلمين والمسلمات } إلى قولـه : { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } [ الأحزاب : 35 ] والغرض في الجميع الكثرة لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة . وقال ابن جني : كان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية المروية عن النابغة ، وقد عرض عليه حسان شعره وأنه لما صار إلى قولـه : @ لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحى وأسيافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَما @@ قال له النابغة : لقد قللت جفانك وسيوفك ، وهذا خبر مجهول لا أصل له ، لأن الله تعالى يقول : { وهم في الغرفات آمنون } [ سبأ : 37 ] ولا يجوز أن يكون الغرف التي في الجنة من الثلاث إلى العشرة . اللغة : يقال رجل قيم وقيَّام وقوّام وهذا البناء للمبالغة والتكثير ، وأصل القنوت : دوام الطاعة ، ومنه القنوت في الوتر لطول القيام فيه ، وأصل النشوز الترفع على الزوج بخلافه مأخوذ من قولـهم فلان على نشز من الأرض أي ارتفاع . يقال : نشزت المرأة تنشز وتنشز والهجر الترك عن قِلّى . يقال : هجرت الرجل : إذا تركت كلامه عن قلى ، والهاجرة نصف النهار ، لأنه وقت يهجر فيه العمل ، وهجر الرجل البعير إذا ربطه بالهجار ، وأصل الضجوع الاستلقاء . يقال : ضجع ضجوعاً ، واضطجع اضطجاعاً ، إذا استلقى للنوم ، واضجعته أنا ، وكلّ شيء أملته فقد أضجعته ، والبغية الطلب . يقال بغيت الضالة إذا طلبتها . وقال الشاعر يصف الموت : @ بَغاكَ وما تَبْغِيهِ حَتَّى وَجَدْتَهُ كَأَنَّكَ قَدْ واعَدْتَهُ أَمْسِ مَوْعِدا @@ الإعراب : الباء في قولـه بما فضّل الله ، وبما أنفقوا يتعلق بقولـه قوَّامون ، وما في الموضعين مصدرية لا تحتاج إلى عائد إليها من صلتها ، لأنها حرف . وقولـه : بما حفظ الله أيضاً يكون ما فيه مصدرية فيكون تقديره بأن يحفظهن الله ، ومن قرأ بما حفظ الله نصباً يكون ما أسماه موصولاً فيكون التقدير بالشيء الذي يحفظ الله أي يحفظ أمر الله . النزول : قال مقاتل : " نزلت الآية في سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وهما من الأنصار وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى النبي ، فقال : أفرشتُه كريمتي ، فلطمها . فقال النبي : لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فقال النبي : " ارجعوا فهذا جبرائيل أتاني وأنزل الله هذه الآية " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير " ، ورفع القصاص . وقال الكلبي : نزلت في سعد بن الربيع وامرأته خولة بنت محمد بن مسلمة ، وذكر القصة نحوها . وقال أبو روق : نزلت في جميلة بنت عبد الله بن أبي ، وفي زوجها ثابت بن قيس بن شماس وذكر قريباً منه . المعنى : لمَّا بيَّن تعالى فضل الرجال على النساء ذكر عقيبه فضلهم في القيام بأمر النساء فقال { الرجال قوَّامون على النساء } أي قيّمون على النساء مسلّطون عليهن في التدبير ، والتأديب ، والرياضة ، والتعليم { بما فضّل الله بعضهم على بعض } هذا بيان سبب تولية الرجال عليهنّ ، أي إنما ولاَّهم الله أمرهن لما لهم من زيادة الفضل عليهن بالعلم والعقل وحسن الرأي والعزم { وبما أَنفقوا من أموالهم } عليهنّ من المهر والنفقة ، كل ذلك بيان علة تقويمهم عليهن وتوليتهم أمرهن { فالصالحات قانتات } أي مطيعات لله ولأزواجهن عن قتادة والثوري وعطاء . ويقال : حافظات ويدل عليه قولـه : { يا مريم اقنتي لربك } [ آل عمران : 43 ] أي أقيمي على طاعته . { حافظات للغيب } يعني لأنفسهن وفروجهن في حال غيبة أزواجهن عن قتادة وعطاء والثوري . ويقال : الحافظات لأموال أزواجهن في حال غيبتهم ، راعيات بحقوقهم وحرمتهم ، والأولى أن يحمل على الأمرين لأنه لا تنافي بينهما { بما حفظ الله } أي بما حفظهن الله في مهورهن ، وإلزام أزواجهن النفقة عليهن ، عن الزجاج . وقيل : بحفظ الله لهنّ وعصمته ، ولولا أن حَفَظهنَّ الله وعصمهنَّ لما حفظن أزواجهن بالغيب { واللاتي تخافون نشوزهن } معناه فالنساء اللاتي تخافون نشوزهن بظهور أسبابه وإماراته ، ونشوز المرأة عصيانها لزوجها ، واستيلاؤها عليه ومخالفتها إياه . وقال الفراء : معناه تعلمون نشوزهن . قال : وقد يكون الخوف بمعنى العلم ، لأن خوف النشز العلم بموقعه { فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } معناه فعظوهن أولاً بالقول والنصيحة ، فإن لم ينجع الوعظ ولم يؤثر النصح بالقول فاهجروهنّ في المضاجع عن سعيد بن جبير . قال : وعنى به الجماع إلا أنه ذكر المضاجع لاختصاص الجماع بها وقيل معناه فاهجروهن في الفراش والمبيت وذلك أنه يظهر بذلك حبَّها للزوج وبغضها له ، فإن كانت مائلة إليه لم تصبر على فراقه في المضجع وإن كانت بخلاف ذلك صبرت عنه عن الحسن وقتادة وعطاء . وإلى هذا المعنى يؤول ما روي عن أبي جعفر . قال : يحوّل إليها . وفي تفسير الكلبي عن ابن عباس : فعظوهن بكتاب الله أولاً ، وذلك أن يقول اتقي الله وارجعي إلى طاعتي ، فإن رجعت وإلا أغلظ لها القول ، فإن رجعت وإلا ضربها ضرباً غير مبرح . وقيل : في معنى غير المبرح أن لا يقطع لحماً ، ولا يكسر عظماً وروي عن أبي جعفر أنه الضرب بالسواك . { فإن أطعنكم } أي رجعن إلى طاعتكم في الائتمار لأمركم { فلا تبغوا عليهن سبيلاً } أي لا تطلبوا عليهن عللاً بالباطل . وقيل : سبيلاً للضرب والهجران مما أبيح لكم فعله عند النشوز ، عن أبي مسلم وأبي علي الجبائي . وقيل : معناه لا تكلفوهن الحب عن سفيان بن عيينة ، فيكون المعنى إذا استقام لكم ظاهرهن فلا تعللوا عليهن بما في باطنهن { إن الله كان عليّاً كبيراً } أي متعالياً عن أن يكلف إلا الحق مقدار الطاقة . والعلو والكبرياء من صفات الله ، وفائدة ذكرهما هنا بيان انتصاره لهن وقوته على الانتصار إن هن ضعفن عنه . وقيل : المراد به أنه تعالى مع علوّه وكبريائه لم يكلفكم إلا ما تطيقون فكذلك لا تكلفوهنَّ إلا ما يطقن .