Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 62-62)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال بعضهم : عرض الأولياء بإزالة الخوف والحزن عنهم ولم يبلغهم إلى مقام أهل الاصطفاء والاختيار ، لأن ذلك أقدارهم حتى يجئ قدر الذى لا يوصف بوصف فيظهر عليهم من الكرامات ما يزيل بها الخوف والحزن على أهل الأكوان ببركاتهم . قال الواسطى رحمة الله عليه : حظوظ الأولياء مع تباينها من أربعة أسماء ، وقيام كل فريق باسم منها : هو الأول والآخر والظاهر والباطن فمن فنى عنها بعد ملابستها فهو الكامل التام ، فمن كان حظه من اسمه الظاهر لاحظ عجائب قدرته ، ومن كان حظه من اسمه الباطن لاحظ ما جرى فى السرائر من أنواره ومن كان حظه من اسمه الآخر كان شغله ما سبق ، ومن لاحظ اسمه الآخر كان مرتبطًا بما يستقبله ، وكلٌّ كوشف على قدر طبعه وطاقته إلا من تولاه الحق ببره وقام عنه بنفسه . وقال يحيى بن معاذ : الولى الذى لا يرائى ولا ينافق ، وما أقل صديق من كان هذا خلقه . قال بعضهم : قلوب أهل الولاية مصانة عن كل معنى لأنها موارد الحق . قال الواسطى رحمة الله عليه : علامة الولى أربعة : الأولى يحفظ سرائره التى بينه وبين ربه مما يرد على قلبه من المصائب فلا يشكو . والثانية : أن يصون كرامته فلا يتخذها رياء ولا سمعة ولا يعقل عنها هوانًا . والثالثة : أن يحتمل أذى خلقه فلا يكافؤهم . والرابعة : أن يدارى عباده على تفاوت أخلاقهم ، لأنه رأى الخلق لله وفى أسر القدرة فعاشرهم على رؤية ما منه إليهم . وسُئل بعضهم ما علامة الأولياء ؟ قال : همومهم مع الله وشغلهم بالله وفرارهم إلى الله . قال بعضهم : حال الأولياء فى الدنيا أشرف منها فى الآخرة لأنه جذب سرهم إلى سره وغيبهم عن كل ما سواه ، وهم فى الآخرة كما قال : { فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } [ يس : 55 ] . قال سهل : الولى هو الذى توالت أفعاله على الموافقة . سمعت أبا الحسن الفارسى يقول : سمعت محمد بن معاذ النهرجورى يقول : صفة الأولياء أن يكون الفقر كرامتهم وطاعة الله جلاوتهم ، وحب الله حيلتهم ، وإلى الله حاجتهم والله حافظهم ، ومع الله تجارتهم وبه افتخارهم وعليه توكلهم وبه أنسهم ، والجوع طعامهم والزهد ثمارهم ، وحسن الخلق لباسهم ، وطلاقة الوجه حليتهم وسخاوة النفس حرمتهم ، وحسن المعاشرة صحبتهم ، والشكر زينتهم ، والذكر همتهم والرضا راحتهم ، والخوف سجيتهم ، والليل فكرتهم ، والنهار غيرتهم ، أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . قال أبو سعيد الخراز : الأولياء فى الدنيا يطيرون بقلوبهم فى الملكوت ، يرتادون ألوان الفوائد والحكمة ، ويشربون من عين المعرفة ، فهم يفرون من فضول الدنيا ، ويأنسون بالمولى ويستوحشون من نفوسهم إلى وقت موافاة رَسولِ الرَّحيلِ . وقال أيضًا : نفوس الأولياء تذوب كما يذوب الملح فى الماء ، للحفظ على أمور المولى فى مواقيتها وأداء الأمانة فى كل ساعة . وقال أيضًا : إن نفوس الأولياء حملت قلوبهم ، وقلوب الأعداء حملت نفوسهم ، لأن نفوس الأولياء تحمل الأعباء فى دار الدنيا ؛ طمعًا فى فراغ قلوبهم ، وقلوب الأعداء تحمل أثقال نفوسهم من الشرك طمعًا فى راحة نفوسهم . وقال بعضهم : الولى من يصبر على البلاء ويرضى بالقضاء ويشكر على النعماء . وقال أبو يزيد : أولياء الله هم عرائس الله ، ولا يرى العرائس إلا من يكون مَحْرمًا لهم ، وهم مخدرون عند الله فى مجال الأنس لا يراهم أحد . قال بعضهم : إن حال الأولياء فى الدنيا أرفع من حالهم فى الآخرة ، لأن الله جذب بينهم فى الدنيا وقطعهم عن الكون وفى الآخرة يشغلهم بنعيم الجنة . قال أبو على الجوزجانى : الولى هو الفانى فى حاله ، الباقى فى مشاهدة الحق وذاته ، تولى الله أسبابه فتوالت عليه أنوار التولى ، لم يكن له عن نفسه أخبار ولا مع أحد غير الله قرار . وسُئل أبو حفص عن الولى ، فقال : الولى من أُيد بالكرامات وغيب عنها .