Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 3-3)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ } . قيل فيه : قطعك عن الكل قطعًا وجذبك إليه جذبًا بهذه الآية { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ } وقال ابن عطاء : لا تجعل لهم من قلبك نصيبًا وأفرد قلبك لى ، تجدنى بصفة الفردانية مقبلاً عليك . وقال سهل : أعجز الناس من خشى ما لا ينفعه ولا يضره ، والذى بيده الضر والنفع يخاطبه بقوله { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ } . قوله عز وعلا : { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [ الآية : 3 ] . قال أبو حفص : كمال الدين فى شيئين : فى معرفة الله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم . قال جعفر بن محمد : اليوم إشارة إلى يوم بعث فيه محمداً صلى الله عليه وسلم ويوم رسالته . وقيل : اليوم : إشارة إلى الأزل ، والإتمام : إشارة إلى الوقت ، والرضا : إشارة إلى الأبد . وقيل : { أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } بأن خصصتكم من بين عبادى بمشاهدة المصطفى صلى الله عليه وسلم يخاطب به أصحابه ، وجعلتكم حجة لمن بعدكم من الأمة إلى يوم القيامة . وقيل : { وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } بالمعرفة . وقال شقيق فى هذه الآية : كمال الدين فى الأمن والفراغ ، إذا كنت آمنًا بما تكفَّل الله لك صرت فارغًا لعبادته . قوله تعالى : { وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً } . قيل : شرائط الإسلام كثيرة : منها سلامة روحك من جنايات سرك ، وسلامة سرك من جنايات صدرك ، وسلامة صدرك من جنايات قلبك ، وسلامة قلبك من جنايات نفسك ، وسلامة الخلق من جنايات شخصك وهيكلك وجوارحك ، لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " . وقيل : كمال الدين التبرِّى من الحول والقوة والرجوع فى الكل إلى منزلة الكل . قال الواسطى رحمة الله عليه : الإسلام خصلة مرضية ولكن لا يهتدى إليه الكل ، والإسلام مرضى ولكن لا يلبسه الكل ، والمرضى من أتى به ولكن على شرائط الاستقامة . وقال أبو يعقوب السوسى : الإسلام دار عليها أربعة أبواب وأربع قناطر ثم المراتب بعد ذلك ، من لم يدخل الدار ولم يعبر القناطر لم يصل إلى المراتب . فأول باب منها أداء الفرائض ثم اجتناب المحارم ثم الأمن بالرزق ثم الصبر على المكروه ، فإذا دخل الدار استقبلته القناطر ، فأول قنطرة منها الرضاء بالقضاء . والثانى : التوكل على الله . والثالث : الشكر لنعماء الله . والرابع : إخلاص العمل لله ، فمن لم يعبر هذه القناطر لا يصل إلى المراتب . وقال بعضهم : نزلت هذه الآية يوم عرفة فى حجة الوداع والنبى صلى الله عليه وسلم واقف وعندها كان كمال الدين حيث يرد الحج إلى يوم عرفه ، فإنهم كانوا يحجون فى كل سنة فى شهر فلما رد الله عز وجل وقت الحج إلى ميقات فريضته ، أنزل الله تعالى : { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } .