Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 111-111)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } [ الآية : 111 ] . سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم البزار يقول : سمعت ابن عطاء يقول : فى قوله { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } قال : نفسك موضع كل شهوة وبلية ومالك محل كل أثم ومعصية ، فأراد أن يزيل ملكك عما يضرك ، ويعوضك عليه ما ينفعك عاجلاً وآجلاً . قال سهل : لا نفس للمؤمن إنها دخلت فى البيع من الله ، فمن لم يبع من الله حياته الفانية كيف يعيش مع الله ويحيا حياة طيبة قال الله عز وجل : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } . قال جعفر فى قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } قال : مكر بهم على لسان الحقيقة وعلى لسان المعاملة اشترى منهم الأجساد لمواضع وقوع المحبة من قلوبهم وأحياهم بالوصلة . وقال بعضهم : من سمع الخطاب فانتبه له ، كان كأبى بكر رضى الله عنه لما قيل له : ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال : " الله ورسوله " أى أبقيت لنفسى من لا يفنى ولا يزال باقيًا . فأبقى ببقائهما دون الأعراض التى هى عوارى . وقال بعضهم : اشترى منك ما هو محل الآفات و البَليَّات وهو النفس والمال ، وجعل ثمنهما الجنة ، فإن آنس قلبك كان الثواب عليه المشاهدة والقربة . قال الحسين : نفوس المؤمنين نفوس أبية استرقها الحق فلا يملكها سواه . قال النصرآباذى : سُئل الجنيد رحمة الله عليه متى أشترى ؟ قال : حين لأمنى أزال عنهم العلل يزول ملكهم عن أنفسهم وأموالهم ليصلحوا المجاورة للحق ومخاطبته . قال ابن عطاء : مكر بهم وهم لا يشعرون ، لكن الكلام فيه من جهة المعاملة مليح اشترى منهم الأجساد لمواضع وقوع المحبة من قلوبهم ، فاجتباهم بالوصلة . قال النصرآباذى : اشترى منك ما هو صفتك ، والقلب تحت صفته فلم تقع عليه المبايعة . قال النبى صلى الله عليه وسلم : " قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن " قال : مباينه منك فى الابتداء أوجبت المشاراة ، ومن لم يباين الحق لم يقع عليه اسم الشراء ألا ترى أن الله الكريم خاطب الكليم بقوله : { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } [ طه : 41 ] فلا شراء ولا بيع ولا مباينة بحال . قال أبو عثمان : اشترى من المؤمنين أنفسهم ، كى لا يخاصموا عنها ، فإنها ليست لهم ، والإنسان لا يخاصم عما ليس له . قال أبو بكر الوراق : اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ولا شىء يتقرب به العبد إلى الله فى أداء الأوامر والفرائض ، إلا النفس والمال فاشترى منهم النفس والمال لئلا ينظروا إلى ما يبدو منهم من أنواع القرب ، لأنهم باعوا قبل فلا يعجبوا بشىء من أفعالهم ، ولا يفتخروا بشىء من طاعاتهم ، لأن مواضعها النفس والمال ، وليس لهم عليها ملك ، ومن لا يملك الأصل كيف يفتخر بالفرع . قوله تعالى : { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } . قال الحسين : عهد الحق فى الأزل إلى خواصه باختصاص خاصيته ، خصهم بها من بين تكوينه فأظهر آثار أنوار ذلك عليهم عند استخراج الذر ، فرأى آدم الأنوار تتلألأ فقال : من هؤلاء ؟ ثم أظهر سمات ذلك حين أوجدهم ، وهى آثار ذلك العهد الذى عهد إليهم ، فوفى لهم بعهودهم { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } قال : { فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } . قال النصرآباذى : البشرى فى هذا البيع أنه يوفى بما وعد ، بأن لهم الجنة ويزيد لمن يشاء ، فضلاً منه وكرمًا بالرؤية والمشاهدة ولو لم يكن فيه إلا مساواة المساومة لكان عظيمًا ، فكيف المبايعة والمشاراة .