Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 90-90)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في الابتداء حين جهلوه كانوا يقولون له في الخطاب : " يا أيها العزيز " فلمّا عرفوه قالوا : { أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } ؛ لأنه لمَّا ارتفعت الأجنبيةُ سقط التكلُّف في المخاطبة ، وفي معناه أنشدوا : @ إذا صَفَتْ المودَّةُ بين قومٍ ودام ودادُهم قَبُحَ الثناءُ @@ ويقال إنَّ التفاصُلَ والتفارُقَ بين يوسف وإخوته سَبَقا التواصلَ بينه وبين يعقوب عليهما السلام ؛ فالإخوةُ خَبَره عرفوه قبلَ أنْ عَرَفَه أبوه ليعلَم أن الحديث بلا شكٍ . ويقال لم يتقدموا على أبيهم في استحقاق الخبر عن يوسف ومعرفته ، بل إنهم - وإن عرفوه - فلم يلاحظوه بعين المحبة والخلة ، وإنما كان غرضُهم حديثَ الميرة والطعام فقط ، فقال : { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي } : يعني إني لأَخٌ لِمِثْلِ هذا لمثلكم ؛ ولذا قال : { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي } ، ولم يقل وأنتم إخوتي ، كأنَّه أشار إلى طرفٍ من العتاب ، يعني ليس ما عاملتموني به فِعْلَ الإخوة . ويقال هَوَّنَ عليهم حالَ بَدَاهَةِ الخجلة حيث قال { أَنَا يُوسُفُ } بقوله : { وَهَـٰذَا أَخِي } وكأنه شَغَلَهم بقوله : { وَهَـٰذَا أَخِي } كما قيل في قوله تعالى : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 17 ] إنه سبحانه شَغَلَ موسى عليه السلام باستماع : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 17 ] بمطالعة العصا في عين ما كوشِف به من قوله : { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ } [ طه : 14 ] . ثم اعترف بوجدان الجزاء على الصبر في مقاساة الجهد والعناء فقال : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } . وسمعتُ الأستاذ أبا علي الدقاق - رحمه الله - يقول لما قال يوسف : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ } أحَالَ في استحقاق الأجر على ما عمل من الصبر … فأنطقهم الله حتى أجابوه بلسان التوحيد فقالوا : { تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } يعني ليس بِصَبْرِك يا يوسفُ ولا بتقواك ، وإنما هو بإيثار اللَّهِ إياك علينا ؛ فبه تقدمت علينا بحمدك وتقواك . فقال يوسف - على جهة الانقياد للحقِّ - : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } ، فأسقط عنهم اللوم ، لأنه لمَّا لم يَرَ تقواه من نفسه حيث نبَّهوه عليه نَطَقَ عن التوحيد ، وأخبر عن شهود التقدير .