Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 34-34)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ما سَمَتْ إليهِ هِمَمُكُم ، وتعلَّق به سؤالُكُم ، وخَطَر تحقيقُ ذلك ببالِكم ، أنلناكم فوق ما تُؤَمِّلُون ، وأعطيناكم أكثر مما تَرْجُون ، قال تعالى : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60 ] . وقرأ بعض القراء : { مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } [ إبراهيم : 34 ] فَيُنَوِّنُ قوله : كلٍ ، ويجعل ما سألتموه ( ما ) للنفي أي كل شيء مما لم تسألوه . كذلك جاز أن يكون المعنى ، قل يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني - وهذا لأرباب الطاعات ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني - وهذا لأصحاب الزلات . عَلِمَ قصور لسان العاصي وما يمنعه من الخجل وما يقبض على لسانه إذا تذكَّر ما عمله من الزلاَّت ، فأعطاه غفرانه ، وكفاه حشمةَ السؤال ، والتفضل ؛ فقال : غفرتُ لكم قبل أن تستغفروني . ولكن متى يخطر على قلب العبد ما أهَّلَه الحق - سبحانه - من العرفان ؟ وكيف يكون ذلك الحديث ؟ … قَبْلَ أَنْ كان له إمكانٌ ، أو معرفة وإحسان ، أو طاعة أو عصيان ، أو عبادة وعرفان ، أو كان له أعضاء وأركان ، أو كان العبد شيخاً أو عيناً أو أثراً … لا بَلْ : @ أتاني هواها قبل أَنْ أَعْرِف الهوى فصادف قلباً خالياً فَتَمكَّنَا @@ قوله جلّ ذكره : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } . كيف يكون شكركم كفاء نِعَمِه … ؟ وشكرُكُم نَزْرٌ يسير ، وإنعامُه وافر غزير . وكيف تكون قطرة الشكر بجوار بحار الإنعام ؟ إنَّ نِعَمَه عُلُومُكُم عن تفصيلها متقاصرةٌ ، وفُهُومُكُم عن تحصيلها متأخِّرةٌ . وإذا كان ما يدفع عن العبد من وجوه المحن وفنون البلايا من مقدوراته لا نهاية له … فكيف يأتي الحصر والإحصاء على ما لا يتناهى ؟ وكما أن النَّفْعَ من نِعِمَه فالدفعُ أيضاً من نعمه . ويقال إن التوفيق للشكر من جملة ما ينعم به الحقُّ على العبد فإذا أراد أن يشكره لم يمكنه إلا بتوفيقٍ آخر فلا يبقى من النعم إلا ما يشكر عليه .