Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 35-36)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } . كما سأل أن يجعل مكةً بلداً آمناً طلب أن يجعل قلبَه محلاً آمناً ؛ أي لا يكون فيه شيءٌ إلا بالله . { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } : والصنم ما يعبد من دونه ، قال تعالى : { أَفَرَءَيْتَ مِنَ اتَّخَذَ إلهَهُ هَوَاهُ } [ الجاثية : 23 ] فصنمُ كل أحدٍ ما يشغله عن الله تعالى من مالٍ ووَلَدٍ وجاهٍ وطاعة وعبادة . ويقال إنه لمَّا بنى البيتَ استعان بالله أن يجرِّدَه من ملاحظة نفسه وفعله . ويقال إنه - صلى الله عليه وسلم - كان متردداً بين شهود فضل الله وشهود رفق فسه ، فلما لقي من فضله وجوده قال قال من كمال بسطه : { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } [ الشعراء : 86 ] . ولما نظر من حيث فقر نفسه قال : { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } . ويقال شاهد غيره فقال : { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } ، وشاهد فضله ورحمته ولطفه فقال : { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } [ الشعراء : 86 ] . قوله جلّ ذكره : { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . { فَإِنَّهُ مِنِّي } : أي موافق لي ومن أهل مِلَّتِي ، ومن عصاني خالفني وعصاك . قوله : { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } : طلبٌ للرحمة بالإشارة ، أي فارحمهم . وقال : { وَمَنْ عَصَانِي } … ولم يَقُلْ : مَنْ عصاك ، وإنْ كان من عصاه فقد عصى الله ، ولكن اللفظ إنما لطلب الرحمة فيما كان نصيب من ترك حقه ، ولم ينتصر لنفسه بل قابلهم بالرحمة . ويقال إن قولَ نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أتمُّ في معنى العفو حيث قال : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " ، وإبراهيم - عليه السلام - عَرَّضَ وقال : { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . ويقال لم يجزم السؤال لأنه بدعاء الأدب فقال : { وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .