Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 114-114)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله جلّ ذكره : { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } . تعالى اللَّهُ في كبريائه ؛ وكبرياؤه : سناؤه وعُلاه ومَجْدُه ورِفْعَتُه وعظَمَتُه ، كل ذلك بمعنى واحد ، وهو استحقاقه لأوصاف الجلال والتعظيم . و { ٱلْمَلِكُ } : مبالغةً من المالك ، وحقيقة الملك القدرة على الإيجاد ، والانفراد بذلك . و { ٱلْحَقُّ } : في وصفه - سبحانه - بمعنى الموجود ، ومنه قوله عليه السلام : " العين حق " أي موجود . ويكون الحق بمعنى ذي الحقِّ ، ويكون بمعنى مُحِقِّ الحق … كل ذلك صحيح . قوله جلّ ذكره : { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } . كان يتعجل بالتلقف من جبريل مخافَة النسيان ، فأَمَرَه بالتثبت في التلقين ، وأَمَّنَه من طوارِق النسيان ، وعرَّفه أن الذي يحفظ عليه ذلك هو الله . والآية تشير إلى طَرَفٍ من الاحتياط في القضاء بالظواهر قبل عرضها على الأصول ، ثم إنْ لم يوجد ما يُوجَبُ بالتحقيق أجراه على مقتضى العموم بحقِّ اللفظ ، بخلاف قول أهل التوقف . فالآية تشير إلى التثبت في الأمور وضرورة التمكث واللبث قصداً للاحتياط . قوله : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } : فإذا كان أَعْلَمُ البَشَرِ ، وسيِّدُ العرب العجم ، ومَنْ شهد له الحقُّ بخصائص العلم حين قال : { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } [ النساء : 113 ] يقال له : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } - عُلِمَ أَنَّ ما يخصُّ به الحقُّ أولياءَه من لطائف العلوم لا حَصْرَ له . ويقال أحاله على نفسه في استزادة العلم . وموسى عليه السلام أحاله على الخضر حتى قال له : { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } [ الكهف : 66 ] فشتان بين عبدٍ أحيل على عبدٍ في ذلك ثم قيل له : { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } [ الكهف : 72 ] ثم كل ذلك التلطف قال له في آخر الأمر : { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ … } [ الكهف : 78 ] وبين عبدٍ أَمَرَه عند استزادة العلم بأن يطلبه من قِبَلِ ربه فقال : قُلْ يا محمد : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } . ويقال لما قال عليه السلام : " أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له " قال له : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } لِيُعْلَمَ أَنَّ أشرف خِصالِ العبدِ الوقوفُ في محلِّ الافتقار ، والاتصاف بنعت الدعاء دون الوقوف في مَعْرِضِ الدعوى .