Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-4)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } . { نۤ } قيل : الحوت الذي على ظهره الكون ، ويقال : هي الدواة . ويقال : مفتاح اسمه ناصر واسمه نور . ويقال : إنه أقسم بنُصْرَة الله تعالى لعبادِه المؤمنين . وأقسم بالقلم - وجوابُ القسم قولُه : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } . ما أوجب لصدره من الوحشة من قول الأعداء عنه : إنه مجنون ، أزاله عنه بنفيه ، ومحقَّقاً ذلك بالقَسَم عليه … وهذه سُنَّةُ الله تعالى مع رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فما يقوله الأعداءُ فيه يردُّه - سبحانه - عليهم بخطابه وعنه ينفيه . { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } : أي غير منقوص … لمَّا سَمَتْ هِمَّتُه صلى الله عليه وسلم عن طلب الأعواض أثبت اللَّهُ له الأجر ، فقال له : { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } - وإنْ كُنْتَ لا تريده . ومن ذلك الأَجْر العظيم هذا الخُلُق ، فأنت لستَ تريد الأجْرَ - وبِنَا لَسْتَ تريد ؛ فلولا أنْ خَصَصْناكَ بهذا التحرُّر لكنتَ كأمثالِك في أنهم في أسْرِ الأعواض . قوله جلّ ذكره : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } . كما عرَّفَه اللَّهُ سبحانه أخبارَ مَنْ قبْلَه من الأنبياء عرَّفه أنه اجتمعت فيه متفرقاتُ أخلاقهم فقال له : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } . ويقال : إنه عَرَضَ مفاتيحَ الأرضِ فلم يقبلْها ، ورقّاه ليلةَ المعراج ، وأراه جميع المملكة والجنة فلم يلتفت إليها ، قال تعالى : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [ النجم : 17 ] فما التفت يميناً ولا شمالاً ، ولهذا قال تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } … ويقال : ( على خلق عظيم ) : لا بالبلاءِ تنحرف ، ولا بالعطاءِ تنصِرف ؛ احتمل صلوات الله عليه في الأذى شَجَّ رأسِه وثَغْرِه ، وكان يقول : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " وغداً كلٌّ يقول : نفسي نفسي وهو صلوات الله عليه يقول : " أمتي أمتي " ويقال : عَلّمه محاسنَ الأخلاق بقوله : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199 ] . سأل صلواتُ الله عليه جبريل : " بماذا يأمرني ربي ؟ قال : يأمرك بمحاسن الأخلاق ؛ يقول لك : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وأعْطِ مَنْ حَرَمك واعفُ عَمَّن ظَلَمَك " فتأدَّبَ بهذا ؛ فأثنى عليه وقال : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } .