Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 55-58)
Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } اشتد غوائم القدم بان الاكوان والحدثان صادرات من فيض فعله سحرت فى بطش عزته محتاجات الى مزيد رحمته حسم اطماع عبيده عنها وصرف وجوههم منها الى نفسه اذ لا ذرة من الكون جارية الا بمشيئته فما دام الكل له فابذل كلك لكليته حتى يكون كله لك لا غير فان وعد الله فى ذلك حق لا يخيب رجاء الصادقين ولا يخلف مواعيد المقربين قال بعضهم المغيرون من يرجع الى غيرته فى سؤاله ومهماته وطلباته وله ما فى السمٰوات وما فى الارض فالكل له فمن طلب بعض الكل من غيره فقد اخطأ الطريق وقوله { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } ان يحرم سائل غيره ويبعد عليه وجه طلبته ولا يخيب سائله ويبلغه الى اقصى امانيه ثم بين الحق ان من اقبل اليه يحييه بانوار حياته حتى يبقى مع الحق بوصف شهوده على معاينة ذاته وصفاته ويميت نفسه حتى لا تزاحم بظلمه هواجسها انوار اسراره فى قلبه بقوله { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يحيى قلوب العارفين بمعرفته ومشاهدته ويميت نفوس الزاهدين بانوار هيبته ومراقبته فمعاد العارفين مشاهدة جماله وجلاله ومعاد الزاهدين آلاؤه نعماؤه وهذا معنى قوله { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } قال بعضهم هو يحيى القلوب باماتة النفوس ويميت النفوس بحياة القلوب وهذا لمن كان اليه رجوعه فى جميع اخواله وقيل يحيى الاسرار بانوار العزة ويميت النفوس بنزع الشهوات عنها قال النصرابادى يحيى الارواح فى المشاهدة والتجلى ويميت الهياكل فى الاستتار ثم ذكر سبحانه سبب هذه الحياة الباقية التى هى شفاء ارواح الصديقين وقوة ابدان المريدين ومنور اسرار العارفين وشفاء الم فراق المشتاقين وخبر دوام الوصال للمستأنسين والمحبين وهو كلامه القديم الذى هو نبأ القدم والبقاء وحلاوة الجمال والجلال واحكام الربوبية والعبودية بقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } خاطب اهل وده وسماهم بالناس لان غيرهم ليسوا بالناس فى الحقيقة حيث لم يعرفوا حقوق الازلية لذلك وصفهم بالجهل بقوله { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } والناس من نسى نفسه وما دون الله فى الله اى قد جاء من متابعة موعظة احكام العبودية وشفاء اى انوار الربوبية وهدى تعريف نفسه بظهور انوار صفته ورحمة فتح ابواب المشاهدة فالموعظة للمريدين والشفاء للمحبين والهدى للعارفين والرحمة للمستانسين المشتاقين وايضا الموعظة للنفوس والشفاء للقلوب والهدى للارواح والرحمة للاشباح وايضا الموعظة مقام الرهبة والشفاء مقام الوصلة والهدى مقام المعرفة والرحمة مقام المخاطبة الموعظة صدرت من العظمة والشفاء صدر من حسن الجمال والهدى صدر من عيان القدم والبقاء والرحمة للعموم صدر من الافعال وللخصوص صدر من الصفات ولخصوص الخصوص صدر من الذات وايضا الموعظة للابقين والشفاء لمرضى المحبين والهدى للمريدين والرحمة للواصلين بدأ بالموعظة المريض حبه لانها ادوية اسهال شهواته بمعجونات موعظته تقديسا لاسراره عن عوارض بشرياته فاذا كان مقدسا بسقيه من اشربه مراهم الطافه شفاء لذلك السقم ولانه تعالى يشفى بخطابه صدور مرضى اهل شوقه @ بمقدمك المبارك زال رزئي وفى لقياك عجل لى شفائي @@ فاذا شقى يعذبه بهدايته الى نفسه فلما كل فى صحته يطهره بمياه رحمته عن اوساخ المرض والاستحسان قال ابن عطاء الموعظة للنفوس والشفاء للقلوب والهدى للاسرار والرحمة لمن هذه صفته قال جعفر شفاء لما فى الصدور اى راحة لما فى السرائر وقال جعفر لبعضهم شفاء المعرفة والصفاء ولبعضهم شفاء التسليم والرضا ولبعضهم شفاء التوبة والوفاء ولبعضهم شفاء المشاهدة واللقاء وقال الاستاذ الموعظة للكافة ولكنها لا تنجع فى اقوام وتنفع اخرين فمن اصغى بسمع سره اتضح نور اليقين فى قلبه ومن استمع اليه بنعت غيبته ما اتصف الا بدوام محبته ويقال الموعظة لارباب الغيبة ليبوءوا لشفاء الخواص والهدى لخاص الخاص والرحمة لجميعهم وبرحمته وصلوا الى ذلك ويقال شفاء كل احد على حسب ذاته فشفاء المذنبين بوجود الرحمة وشفاء المطيعين بوجود النعمة وشفاء العارفين بوجود القربة وشفاء الواحدين بوجود الحقيقة ويقال شفاء العاصين بوجود النجاة وشفاء المطيعين بوجود الدرجات وشفاء العارفين بالقرب والمناجاة ثم زاد تمام نعمته على عباده حيث انعم عليهم بتذكير الموعظة والشفاء عن العلة والهداية الى القربة وادخالهم فى زمرة الرحمة والمشاهدة ودعاتهم الى رؤية فضل السابق ورحمة الكاملة عن رؤية الاكتساب وعلل الاجتهاد وفرح فؤادهم بقوله { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } حكم فى الازل باختصاص اهل وده ان يختارهم لولايته ويصطفيهم بالنظر الى مشاهدته وسماع خطابه بلا واسطة فالمشاهدة فضلة والخطاب معهم وتلحما لا نهاية لهما حيث لا يقع لديهما لهم موانع من علل الحدوثية وعوارضات البشرية فاول الفضل والرحمة ما سبق لهم فى ازل الازل وأزاله الأزل لا نهاية ليتصل سلك الاصطفائية الازلية الى الابد والابد الى الابد وابد الابد لا نهاية له ولو ان للأزل والابد نهاية لم تكن تلك الرحمة كاملة ولم يكن ذلك الفضل عميما فاذا هما خارجان من حدود النهايات والعلة ولم ينقطعا عن الاولياء بسبب ما فيوجبان الفرح والابتهاج بهما حيث لا يحتجبون عنهما ولا ينقصان بل يزيدان لان مشاهدة الحق جل جلاله فى كل ساعة فى عيونهم أكشف وخطابه لهم اكثر وبين تعالى لمن اقبل اليه بنعت المجاهدة والرياضة ان طلب القربة المراقبة وخلو الهمة عن الاغيار وعلل الاعمال خير له من اشتغاله بالمجاهدات الكثيرة الشاغلة للقلوب عن مشاهدة الغيوب فان المراقب اذا راقب الله بسره يرد على قلبه وارد التجلى ويسمع من الحق خطابه القديم فاذا وصل ذلك الى قلبه وسره بطيرانه فى الملكوت والجبروت باجنحة الشوق والمحبة فيرجعان بكنوز المعارف والكواشف وذرة منهما خير له من عبادة سبعين الف سنة الا ترى الى قوله عليه الصلاة والسلام " تفكر ساعة خير من عبادة سبعين الف سنة " والاشارة فى قوله { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } هذا الفضل عندى انكشاف صباح الازل لعيون ارواح المريدين بالبديهة ويزيد وضوحها فى كل لحظة حتى تطلع عليها شموس الصفات واقمار الذات فتطير فى انوارها باجنحة الجذبات إلى الاباد ورحمته تتابع مواجيد الغيوب للقلوب بنعت السّرمد بلا قناع الانقطاع وتغاير الاوقات الا ترى كيف يفرح بذلك ضرغام اجمه التصوف ابو بكر الشبلى قدس الله روحه بقوله وقتي مسرمد وتجرى بلا مثالى وايضا فضله الاصطفائية بالولاية ورحمته العصمة عن قوارع قهرياته فى مقام المشاهدة وايضا فضله الوصال ورحمته الوقاية عن الانفصال وايضا فضله عنايته ورحمته كفايته وايضا فضله معرفة ذاته ورحمته كشوف صفاته وايضا فضله القاء نيران المحبة الى قلوب المحبين ورحمته جذب ارواح المشتاقين الى لقائه فضله على العارفين كشف الذات وعلى المحبين كشف الصفات وعلى المريدين كشف انوار الايات ورحمته على العارفين العناية وعلى المحبين الكفاية وعلى المريدين الرعاية قال الواسطى فى قوله { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } ايسهم ان يكون لهم شئ من عندهم بقوله { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } وقال بعضهم فضل الله اتصال احسانه اليك ورحمته ما سبق لك منه ولم تك شيئا من الهداية { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } اى بذلك فاعتمدوا { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } من افعالكم واقوالكم واذكاركم فانها نتائج تلك المقدمة وبهائم جميع الاهوال قال جعفر فضل الله معرفته ورحمته توفيقه قال بعضهم الثواب اعواض والفضل كرم قال الله قل بفضل الله وبرحمته { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ما تؤملون من الثواب على الافعال قال الجنيد فضل الله فى الابتداء ورحمته فى الانتهاء قال الكتانى فضل الله النعم الظاهرة ورحمته النعم الباطنة بيانه { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } قال سهل فضل الله الاسلام ورحمته السنة وقال ذو النون فضل الله دخول الجنان ورحمته النجاة من النيران وقال عمرو بن عثمان فضل الله كشف الغطاء ورحمته الرؤية واللقاء قيل فضل الله دوام التوفيق ورحمته تمام التحقيق قيل فضل الله الرؤية ورحمته ابقاهم فى حال الرؤية .