Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 68-76)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولما دخلوا } أي : امتثلوا أمر العقل بسلوك طرق جميع الفضائل لم يغن عنهم من جهة الله { من شيء } أي : لم يدفع عنهم الاحتجاب بحجاب الجلال والحرمان عن لذة الوصال لأن العقل لا يهتدي إلا إلى الفطرة ولا يهدي إلا إلى المعرفة . وأما التنوّر بنور الجمال ، والتلذذ بلذة الشوق بطلب الوصال ، وذوق العشق بكمال الجلال والجمال ، بل جلال الجمال وجمال الجلال فأمر لا يتيسر إلا بنور الهداية الحقانية { إلا حاجة في نفس يعقوب } هي تكميلهم بالفضيلة { وإنه لذو علم } لتعليم الله إياه لا ذو عيان وشهود { ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون } ذلك فيحسبون الكمال ما عند العقل من العلم أو ناس الحواس لا يعلمون علم العقل الكلي { آوى إليه أخاه } للتناسب بينهما في التجرّد { جعل السقاية في رحل أخيه } مشربته التي يكيل بها على الناس ، أي : قوة إدراكه للعلوم ليستفيد بها علوم الشرائع ويستنبط قوانين العدالة ، فإن العاقلة العملية تقوى على إدراك المعقولات عند التجرّد عن ملابس الوهم والخيال كما تقوى النظرية وهي القوة المدبرة لأمر المعاش المشوبة بالوهم في أول الحال . ونسبته إلى السرقة لتعوّده بإدراك الجزئيات في محل الوهم من المعاني المتعلقة بالمواد وبعده عن إدراك الكليات ، فلما تقوّى عليها بالآوي إلى أخيه واستفادته منه تلك القوة بالتجرّد فكأنه قد سرق ولم يسرق . والمؤذن الذي نسبهم إلى السرقة هو الوهم لوجدان الموهم تغير حال الجميع عما كانت عليه ، وعدم مطاوعتها له وتوهمه لذلك نقصاً فيهم . والحمل الموعود لمن يجيء بالصواع ، هو التكليف الشرعي الذي يحصل بواسطة العقل العملي عند استفادته علم ذلك من القلب ، والصواع هو القوة الاستعدادية التي يحصل بها علمه . والفاقد لها المفتش لمتاعهم ، المستخرج إياها من رحل أخيه هو الفكر الذي بعثه القلب لهذا الشأن . ولما كان دين روح القدس تحقق المعارف والحقائق النظرية مما لا يتعلق بالعمل { ما كان ليأخذ أخاه } بالبعث على العمليات والاستعمال على الفضائل { في دين الملك } لأن دينه العلم وعلمه التعقل { إلا أن يشاء الله } أي : وقت تنوّر النفس بنور القلب المستفاد منه وتفسح الصدر القابل للعمليات وذلك هو رفع الدرجات ، لأن النفس حينئذ ترتفع إلى درجة القلب والقلب إلى درجة الروح في مقام الشهود { وفوق كل ذي علم } كالقوى { عليم } كالعقل العملي وفوقه القلب وفوقه العقل النظري وفوقه الروح وفوقه روح القدس والله تعالى فوق الكل ، علاّم الغيوب كلها .