Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 8-11)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تلك أسرار خفية لا يعلمها إلا { الله } الذي { يعلم ما تَحْمل كل أُنْثى } فيعلم ما تحمل أنثى النفس من ولد الكمال ، أي ما في قوة كل استعداد وما تزيد أرحام الاستعداد بالتزكية والتصفية وبركة الصحبة من الكمالات وما تنقص منها بالانهماك في الشهوات { وكل شيء } من الكمالات { عنده بِمِقدار } معين على حسب القابلية أو كل شيء من قوة قبول في استعداد مقدّر عنده بمقدار في الأزل من فيضه الأقدس لا يزيد ولا ينقص ، أو لكل قوم هاد هو الله تعالى كما قال : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآء } [ القصص ، الآية : 56 ] لعلمه بما في الاستعدادات من قوة القبول وزيادتها ونقصانها فيقدّر بحسبها كمالاتهم . { عَالِم } غيب ما في الاستعدادات من قوة القبول وشهادة الكمالات الحاضرة الخارجة إلى الفعل { الكبير } الشأن الذي يجل عن إعطاء ما يقتضيه بعض الاستعدادات بل يسع كلها فيعطيها مقتضياتها { المُتعال } عن أن ينقطع فيضه فيتأخر عن حصول الاستعداد وينقص مما يقتضيه . { سواء منكم من أسرّ القول } في مكمن استعداده { ومن جهرَ به } بإبراز العلم من القوّة إلى الفعل { ومن هو مُسْتَخف } بليل ظلمة نفسه { و } من هو { سارِبٌ } بخروجه من مقام النفس وذهابه في نهار نور الروح . { له معقبات } أمداد متعاقبة من الملكوت واصلة إليه من أمر الله { يحفظونه من } خطفات جنّ القوى الخيالية والوهمية وغلبات البهيمية والسبعية وإهلاكها إياه { إن الله لا يُغير ما بِقَومٍ } من نعمة وكمال ظاهر أو باطن { حتى يغيروا ما بِأَنفسهم } من الاستعداد وقوة القبول ، فإنّ الفيض الإلهي عامٌ متصل كالماء الجاري ، ألم تر إلى قوله تعالى : { يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُل } [ الرعد ، الآية : 4 ] فيتلوّن بلون الاستعداد ، فمن تكدّر استعداده تكدّر فيضه فزاد في شرّه ، ومن تصفّىاستعداده تصفّى فيضه فزاد في خيره ، وكذا النِعَم الظاهرة لا بدّ في تغيرها إلى النقم من استحقاق جلي أو خفي ، ولهذا قال المحققون : إنّ الدعاء الذي لا يتخلف عنه الاستجابة المشار إليه بقوله تعالى : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُم } [ غافر ، الآية : 60 ] هو الذي يكون بلسان الاستعداد . وعن بعض السلف : أن الفأرة مزقت خفيّ ، وما أعلم ذلك إلا بذنب أحدثته وإلا ما سلطها الله عليّ . وتمثل بقول الشاعر :