Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 10-23)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أفي الله شكّ } مع وضوحه ، أي : كيف تشكون فميا ندعوكم إليه وهو الذي لا مجال للشك فيه لغاية ظهوره وإنما يوضح ما يوضح به . { يدْعُوكم ليغفر لكم من ذنوبكم } ليستر بنوره ظلمات حجب صفاتكم فلا تشكّون فيه عند جلية اليقين { ويؤخركم إلى } غاية يقتضيها استعدادكم من السعادة إذ كل شخص عين له بحسب استعداده الأول كمال هو أجله المعنوي كما أن لكل أحد بحسب مزاجه الأول غاية من العمر هي أجله الطبيعي ، وكما أن الآجال الاخترامية تقطع العمر دون الوصول إلى الغاية المسمّاة بسبب من الأسباب فكذلك الآفات والموانع التي هي حجب الاستعداد تحول دون الوصول إلى الكمال المعين . { وبرَزوا لله جميعاً } للخلائق ثلاث برزات ، برزة عند القيامة الصغرى بموت الجسد وبروز كل أحد من حجاب جسده إلى عرصة الحساب والجزاء ، وبرزة عند القيامة الوسطى بالموت الإرادي عن حجاب صفات النفس والبروز إلى عرصة القلب بالرجوع إلى الفطرة ، وبرز عند القيامة الكبرى بالفناء المحض عن حجاب الأنية إلى فضاء الوحدة الحقيقية وهذا هو البروز المشار إليه بقوله تعالى : { وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [ إبراهيم ، الآية : 48 ] ، ومن كان من أهل هذه القيامة يراهم بارزين لا يخفى على الله منهم شيء . وأما ظهور هذه القيامة للكل وبروز الجميع لله ، وحدوث التقاول بين الضعفاء والمستكبرين ، فهو بوجود المهديّ القائم بالحق ، الفارق بين أهل الجنّة والنار عند قضاء الأمر الإلهي بنجاة السعداء وهلاك الأشقياء . { وقال الشيطان } ظهر سلطان الحق على شيطان الوهم وتنوّر بنوره ، فأسلم وأطاع وصار محقاً عالماً بأن الحجة لله في دعوته للخلق إلى الحق لا له ، ودعوته إلى الباطل بتسويل الحطام وتزيين الحياة الدنيا عليهم واهية فارغة عن الحجة ، وأقرّ بأن وعده تعالى بالبقاء بعد خراب البدن والثواب والعقاب عند البعث حق قد وفى به . ووعدي بأن ليس إلا الحياة الدنيا باطل اختلقته ، فاستحقاق اللوم ليس إلا لمن قبل الدعوة الخالية عن الحجة فاستجاب لها وأعرض عن الدعوة المقرونة بالبرهان فلم يستجب لها { فلا تلوموني ولوُمُوا أنفسكم } .