Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-47)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وأما المتّقون عن المعاصي والمناهي ، الواقفون مع أحكام الشريعة ، المعترفون بالتوحيد والنبوّة على التقليد لا التحقيق ، وإلا لتجرّدوا بعلم اليقين عن صفات النفس إلى مقام القلب ، فتتوفاهم الملائكة طيبين على صورة أخلاقهم وأعمالهم الطيبة الجميلة ، فرحين مستبشرين { يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنّة } أي : الجنة المعهودة عندهم ، وهي جنة النفوس من جنات الأفعال { بما كنتم تعملون } . { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } إنما قالوا ذلك عناداً وتعنتاً عن فرط الجهل ، وإلزاماً للموحدين بناء على مذهبهم ، إذ لو قالوا ذلك عن علم ويقين لكانوا موحدين لا مشركين بنسبة الإرادة والتأثير إلى الغير ، لأن من علم أنه لا يمكن وقوع شيء بغير مشيئة من الله ، عَلِم أنه لو شاء كل من في العالم شيئاً لم يشأ الله ذلك لم يمكن وقوعه ، فاعترف بنفي القدرة والإرادة عما عدا الله تعالى فلم يبق مشركاً ، قال الله تعالى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } [ الأنعام ، الآية : 107 ] . { كذلك فعل الذين من قبلهم } في تكذيب الرسل بالعناد . { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } الفرق بين إرادة الله تعالى وعلمه وقدرته لا يكون إلا بالاعتبار ، فإن الله تعالى يعلم كل شيء ويعلم وقوعه في وقت معين بسبب معين على وجه معين ، فإذا اعتبرنا علمه بذلك قلنا بعالميته ، وإذا اعتبرنا تخصيصه بالوقت المعين والوجه المعين قلنا بإرادته ، وإذا اعتبرنا وجوب وجوده بوجود ما يتوقف عليه وجوده في ذلك الوقت على ذلك الوجه المعلوم قلنا بقدرته ، فمرجع الثلاثة إلى العلم . ولو اقتضى علمنا وجود شيء ولم يتغير ولم يحتج إلى تروّ وعزيمة غير كونه معلوماً وتحريك الآلات لكان فينا أيضاً كذلك .