Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 3-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم عدّ الصفات الإضافية كالخلق والرزق ، وفصّل النِعَم المتعددة كالنعم وغيرها . ولما ظهر الحق والخلق ظهر طريق الحق والباطل ، فقال : { وعلى الله قصد السبيل } أي : عليه لزوم السبيل المستقيم والهداية إليها لأهله ، كما قال : { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ هود ، الآية : 56 ] أي : كل من كان على هذا الصراط الذي هو طريق التوحيد لا بدّ وأن يكون من أهله تعالى لأنه طريقه الذي يلزمه . ومن السبيل { جائر } يعني بعض السبل ، وهي السبل المتفرقة مما عدا سبيل التوحيد جائر عادل عن الحق ، موصل إلى الباطل لا محالة ، فهي سبيل الضلالة كيفما كانت . ولم يشأ هداية الجميع إلى السبيل المستقيم لكونها تنافي الحكمة . { الذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } قد مرّ أن السابقين الموحدين يتوفاهم الله تعالى بذاته ، وأما الأبرار والسعداء فقسمان : فمن ترقى عن مقام النفس بالتجرّد ووصل إلى مقام القلب بالعلوم والفضائل يتوفّاهم ملك الموت ، ومن كان في مقام النفس من العباد والصلحاء والزهّاد والمتشرّعين الذين لم يتجرّدوا عن علائق البدن بالتزكية والتحلية تتوفاهم ملائكة الرحمة بالبشرى بالجنة ، أي : جنّة النفس التي هي جنة الأفعال والآثار . وأما الأشرار الأشقياء فكيفما كانوا تتوفاهم ملائكة العذاب ، إذ القوى الملكوتية المتصلة بالنفوس تتشكل بهيئات تلك النفوس ، فإذا كانت محجوبة ظالمة كانت هيئاتهم غاسقة ظلمانية هائلة ، فتتشكل القوى الملكوتية القابضة لنفوسهم بتلك الهيئات لمناسبتها ، ولهذا قيل : إنما يظهر ملك الموت على صورة أخلاق المحتضر ، فإذا كانت رديئة ، ظلمانية ، كانت صورته هائلة ، موحشة ، غلب على من يحضره الخوف والذعر ، وتذلّل وتمسكن ، ونزل عن استكباره ، وأظهر العجز والمسكنة ، وهذا معنى قوله : { فألقوا السلم } أي : سالموا ، وهانوا ، ولانوا ، وتركوا العناد والتمرّد وقالوا : { ما كنا نعمل من سوء } فأجيبوا بقولهم : { بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم } الأفعال .