Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 18-21)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ من كان يريد العاجلة } لكدورة استعداده وغلبة هواه وطبيعته { عجَّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } أي : لا نزيده بإرادته زيادة على ماقدرنا له من النصيب في اللوح ولذلك قيده بالمشيئة ثم بقوله { لمن نريد } يعني : لو لم نقدر له شيئاً مما أراده لم نعجل له تخليصه ، إنّا لا نعطي إلا ما أردنا { من أردنا ثم جعلنا له جهنَّم } أي : قعر بئر الطبيعة الظلمانية لانجذابه بإرادته إلى الجهة السفلية وميله إليها { يصلاها } بنيران الحرمان { مذموماً } عند أهل الدنيا والآخرة { مدحوراً } من جناب الرحمة والرضوان في سخط الله وقهره . { ومن أراد الآخرة } لصفاء استعداده وسلامة فطرته وقام بشرائط إرادته من الإيمان والعمل الصالح شكر سعيه بحصول مراده كما قيل : من طلب وجدَّ وَجَدَ ، لأن الطلب الحقيقي والإرادة الصادقة لا يكونان إلا عند حصول استعداد المطلوب ، وإذا قارن الاستعداد الدالّ على أن المطلوب حاصل له بالقوة ، مقدّر له في اللوح أسباب خروج المطلوب إلى الفعل وبروزه من الغيب إلى الشهادة وهو السعي الذي ينبغي له ومن حقه أن يسعى له على هذا الوجه المعنيّ بقوله : { وسعى لها سعيها } أي : السعي الذي يحق لها بشرط الإيمان الغيبي اليقيني وجب حصوله له { كلاًّ نمدّ هؤلاء وهؤلاء } أي : كلهم من طالبي الدنيا وطالبي الآخرة نمد من عطائنا ليس بمجرد إرادتهم وسعيهم شيء وإنما إرادتهم وسعيهم معرّفات وعلامات لما قدّرنا لهم من العطاء { وما كان عطاء ربّك } ممنوعاً من أحد ، لا من أهل الطاعة ولا من أهل المعصية . { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } في الدنيا بمقتضى مشيئتنا وحكمتنا { وللآخرة أكبر درجات } إذ بقدر رجحان الروح على البدن يكون رجحان درجات الآخرة على الدنيا وبقدر تفاضلهما يكون تفاضل درجاتهما .