Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 22-44)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لا تجعل مع الله إلهاً آخر } بتوقع العطاء منه وجعله سبباً لوصول شيء لم يقدر الله لك إليك ، فتصير { مذموماً } برذيلة الشرك والشك عند الله وعند أهله { مخذولاً } من الله يكلك إليه ولا ينصرك { وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ } [ آل عمران ، الآية : 160 ] . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا ما كتب الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا ما كتب الله عليك ، رُفِعَت الأقلام وجُفّت الصحف " . قرن سبحانه وتعالى إحسان الوالدين بالتوحيد وتخصيصه بالعبادة لأنه من مقتضى التوحيد لكونهما مناسبين للحضرة الإلهية في سببيتهما لوجودك وللحضرة الربوبية لتربيتهما إياك ، عاجزاً ، صغيراً ، ضعيفاً لا قدرة لك ولا حراك بك ، وهما أول مظهر ظهر فيه آثار صفات الله تعالى من الإيجاد والربوبية والرحمة والرأفة بالنسبة إليك ومع ذلك فإنهما محتاجان إلى قضاء حقوقهما والله غنيّ عن ذلك ، فأهمّ الواجبات بعد التوحيد إذن إحسانهما والقيام بحقوقهما ما أمكن . { تسبّح له السماوات السبع } إلى آخره ، إنّ لكل شيء خاصية ليست لغيره ، وكمالاً يخصه دون ما عداه ، يشتاقه ويطلبه إذا لم يكن حاصلاً له ويحفظه ويحبه إذا حصل فهو بإظهار خاصيته ينزّه الله عن الشريك وإلا لم يكن متوحداً فيها ، فكأنه يقول بلسان الحال : أوحده على ما وحدني ، ويطلب كماله ينزهه عن صفات النقص كأنه يقول : يا كامل كمّلني ، وبإظهار كماله يقول : كملني الكامل المُكمل . وعلى هذا القياس ، حتى أنّ اللبوة مثلاً بإشفاقها على ولدها تقول : أرأفني الرؤوف وأرحمني الرحيم . وبطلب الرزق : يا رزاق ، فالسماوات السبع تسبحه بالديمومة والكمال والعلوّ والتأثير والإيجاد والربوبية ، وبأنه كل يوم هو في شأن ، والأرض بالدوام والثبات والخلاقية والرزاقية والتربية والإشفاق والرحمة وقبول الطاعة والشكر عليها بالثواب ، وأمثال ذلك . والملائكة بالعلم والقدرة والذوات المجرّدة منهم بالتجرّد عن المادة والوجوب أيضاً مع ذلك كله فهم مع كونهم مسبحين إيّاه ، مقدّسون له { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } لقلة النظر والفكر في ملكوت الأشياء وعدم الإصغاء إليهم وإنما يفقه { كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ ق ، الآية : 37 ] . { إنَّه كان حليماً } لا يعاجلكم بترك التسبيح في طلب كمالاتكم وإظهار خواصكم ، فإن من خواصكم تفقه تسبيحهم وتوحيده كما وحدوه { غفوراً } يغفر لكم غفلاتكم وإهمالاتكم .