Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 16-16)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذ اعْتَزلتموهم } أي : فارقتم نفوسكم وقواها بالتجرّد { وما يعبدون إلاَّ الله } من مراداتها وأهوائها { فأووا إلى الكهف } إلى البدن لاستعمال الآلات البدنية في الاستكمال بالعلوم والأعمال ، وانخزلوا فيه منكسرين ، مرتاضين ، كأنهم ميتون بترك الحركات النفسانية والنزوات البهيمية والسطوات السبعية ، أي : موتوا إرادياً { ينشر لكم ربكم من رحمته } حياة حقيقية بالعلم والمعرفة { ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً } كما لا ينتفع به بظهور الفضائل وطلوع أنوار التجليات ، فتلتذون بالمشاهدات وتتمتعون بالكمالات كما قال تعالى : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ } [ الأنعام ، الآية : 122 ] ، وقال عليه السلام في أبي بكر رضي الله عنه : " من أراد أن ينظر ميتاً يمشي على وجه الأرض فلينظر أبا بكر " ، أي : ميتاً عن نفسه يمشي بالله . أو وإذ اعتزلتم قومكم ومعبوداتهم غيّر الله من مطالبهم المختلفة ، ومقاصدهم المتشتتة ، وأهوائهم المتفننة ، وأصنامهم المتخذة ، فأووا إلى كهوف أبدانكم وامتنعوا عن فضول الحركات والخروج في أثر الشهوات ، واعكفوا على الرياضات ، { يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ } [ الكهف ، الآية : 16 ] زيادة كمال وتقوية ونصرة بالأمداد الملكوتية ، والتأييدات القدسية ، فيغلبكم عليهم ويهيئ لكم ديناً وطريقاً ينتفع به ، وقبولاً يهتدي بكم الخلائق ناجين . وفي المأوى إلى الكهف عند مفارقتهم سر آخر يفهم من دخول المهدي في الغار إذ أُخرج ونزل عيسى والله أعلم . وفي نشر الرحمة وتهيئة المرفق من أمرهم عند الأوي إلى الكهف إشارة إلى أنّ الرحمة الكامنة في استعدادهم إنما تنتشر بالتعلق البدني والكمال بتهيئاته .