Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 10-11)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ في قلوبِهِم مرضٌ } أي شك ونفاق تنكير المرض . وإيراد الجملة الظرفية إشارة إلى عروض المرض واستقراره ورسوخه فيها كما أشرنا إليه في التقسيم ، وإلا لقال قلوبهم مرضى أو موتى . { فزادهم الله مرضاً } أي : آخر حقداً وحسداً وغلاً بإعلاء كلمة الدين ، ونصرة الرسول والمؤمنين ، والرذائل كلها أمراض القلوب لأنها أسباب ضعفها وآفتها في أفعالها الخاصة ، وهلاكها في العاقبة . وفرق بين العذابين بالألم للمنافقين ، والعظم للكافرين ، لأن عذاب المطرودين في الأزل أعظم فلا يجدون شدّة ألمه لعدم صفاء إدراك قلوبهم ، كحال العضو الميت ، أو المفلوج والخدل بالنسبة إلى ما يجري عليه من القطع والكيّ وغير ذلك من الآلام . وأما المنافقون فلثبوت استعدادهم في الأصل وبقاء إدراكهم يجدون شدّة الألم فلا جرم كان عذابهم مؤلماً مسبباً عن المرض العارض المزمن الذي هو الكذب ولواحقه . وإذا نهوا عن الإفساد في الأرض ، أي في الجهة السفلية التي هي النفوس وما يتعلق بها من المصالح بتكدير النفوس ، وتهييج الفتن والحروب ، والعداوة والبغضاء بين الناس ، أنكروا وبالغوا في إثبات الإصلاح لأنفسهم ، إذ يرون الصلاح في تحصيل المعاش وتيسير أسبابه ، وتنظيم أمور الدنيا لأنفسهم خاصة ، لتوغلهم في محبة الدنيا وانهماكهم في اللذات البدنية ، واحتجابهم بالمنافع الجزئية ، والملاذ الحسيّة عن المصالح العامة الكليّة ، واللذات العقلية ، وبذلك يتيسر مرادهم ، ويتسهل مطلوبهم وهم لا يحسون بإفسادهم المدرك بالحس . وإذا دعوا إلى الإيمان الحقيقي ، كإيمان فقراء المسلمين والصعاليك المجرّدين ، سفهوهم لمكان تركهم لحطام الدنيا وإعراضهم عن متاعها ولذاتها وطيباتها ، لزهدهم الحقيقي . إذ قصارى همومهم ، وقصوى مقاصد عقولهم الأسيرة في قيد الهوى المشوبة بالوهم ، المؤدّية لهم إلى الردى هي تلك اللذات يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ، ولا يعلمون أن غاية السفه هو اختيار الفاني الأخس على الباقي الأشرف . وفرق بين الفاصلتين بالشعور والعلم ، لأنّ تأثير خداعهم في أنفسهم وإفسادهم في الأرض أمر بيِّن كالمحسوس . وأما ترجيح نعيم الآخرة على نعيم الدنيا المستلزم للفرق بين السفه والحكمة فأمر استدلالي عقليّ صرف .