Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 197-199)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الحج أشهر معلوماتٌ } أي : وقت الحج أزمنة معلومة ، وهو من وقت بلوغ الحلم إلى الأربعين ، كما قال تعالى في وصف البقرة : { لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [ البقرة ، الآية : 68 ] ، { فمن فرض فيهنّ الحج } على نفسه بالعزيمة والتزم { فلا رَفْث } أي : فاحشة ظهور القوة الشهوانية { ولا فُسُوق } أي لأسباب يعني خروج القوّة الغضبية عن طاعة القلب { ولا جدال } أي : تعدّي القوة النطقية بالشيطنة { في الحجّ } أي : في قصد بيت القلب { وما تفعلوا من خير } من فضيلة من أفعال هذه القوى الثلاث بأمر الشرع والعقل دون رذائلها { يعلمه الله } ويثبكم عليه { وتزودوا } من فضائلها التي يلزمها الاجتناب عن رذائلها { فإنّ خيرَ الزادِ التقوى } منها { واتقونِ } في أعمالكم ونياتكم { يا أُولي الألبَاب } فإن قضية اللبّ أي : العقل الخالص من شوب الوهم وقشر المادة اتقائي . { ليس عليكم جناحٌ أن تَبْتغوا فضلاً من ربّكم } أي : لا حرج عليكم عند الرجوع إلى الكثرة في أن تطلبوا رفقاً لأنفسكم وتمتعوها بحظوظها على مقتضى الشرع بإذن الحق ، فإنّ حظها حينئذ يقويها على موافقة القلب في مقاصده ولأنها غير طاغية لتنوّرها بنور الحق { فإذا أفضتم } أي : دفعتم أنفسكم من مقام المعرفة التامة الذي هو نهاية مناسك الحج وأمّها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الحجّ عرفة " { فاذكروا الله عند المشْعر الحرام } أي : شاهدوا جمال الله عند السرّ الروحيّ المسمّى بالخفيّ ، فإنّ الذكر في هذا المقام هو المشاهدة ، والمشْعر هو محل الشعور بالجمال المحرّم من أن يصل إليه الغير { واذكروه كما هَدَاكم } إلى ذكره في المراتب فإنه تعالى هدى أولاً إلى الذكر باللسان وهو ذكر النفس ثم إلى الذكر بالقلب وهو ذكر الأفعال الذي تصدر نعماء الله وآلاؤه منه . ثم ذكر السرّ وهو معاينة الأفعال ومكاشفة علوم تجليات الصفات . ثم ذكر الروح وهو مشاهدة أنوار تجليات الصفات مع ملاحظة نور الذات . ثم ذكر الخفيّ وهو مشاهدة جمال الذات مع بقاء الإثنينية . ثم ذكر الذات وهو الشهود الذاتي بارتفاع البقية { وإن كنتم من قَبْله } أي : من قبل الوصول إلى عرفات المعرفة والوقوف بها { لمن الضالِين } عن هذه الأذكار . { ثم أفيضُوا من حيث أفاضَ الناس } ثم أفيضوا إلى ظواهر العبادات والطاعات وسائر وظائف الشرعيات والمعاملات من حيث ، أي : من مقام إفاضة سائر الناس فيها ، وكونوا كأحدهم . قيل لجنيد رحمة الله عليه : ما النهاية ؟ قال : الرجوع إلى البداية . { واسْتَغفروا الله } من ظهور النفس وتبرمها بالحال وطغيانها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة " وقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم ثبتني على دينك " ، فقيل له في ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : " أو ما يؤمنني ، إنّ مثل القلب كمثل ريشة في فلاة ، تقلّبها الرياح كيف شاءت " . " ولما تورّمت قدماه فقالت له عائشة رضي الله عنها : أما غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " أفلا أكون عبداً شكوراً " " وقال أمير المؤمنين عليه السلام : " أعوذ بالله من الضلال بعد الهدى " .