Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 217-245)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يسئلُونَك عن الشهر الحَرَام قِتال فيه } يسألونك عن جهاد النفس وأعوانها ، والشيطان وجنوده في وقت التوجه والسلوك إلى الحق وجمعية الباطن الحرام فيه حركة السرّ { قُلْ } الجهاد في ذلك الوقت أمر عظيم شاق ، وصرف وجوهكم عن سبيل الله ، ومقام السر ، ومحل الحضور احتجاب عن الحق ، وإخراج أهل القلب الذين هم القوى الروحانية عن مقارّهم أعظم وأكبر عند الله ، وفتنة الشرك والكفر وبلاؤهما عليكم أشدّ من قتلكم إياهم بسيف الرياضة . ولا تزال تلك القوى النفسانية والأهواء الشيطانية يقاتلونكم بذبكم عن دينكم ومقصدكم ، ودعوتكم إلى دين الهوى والشيطان { حتى يردّوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدِدْ منكم عن دينه } باتباعهم { فأولئك حَبطت أعمالهم } التي عملوها في الاستسلام والانقياد { وأولئك أصحَابُ } نار الحجاب والتعذيب { هم فيها خالِدُون } . { إن الذين آمَنوا } يقيناً { وهاجَرُوا } أوطان النفس ومألوفات الهوى { وجاهَدُوا في سبيلِ الله } وجنود الشيطان والنفس الأمّارة { أولئك يَرْجون رحمة الله } تجليات الصفات وأنوار المشاهدة . { يسئلونكَ عن } خمر الهوى وحبّ الدنيا وميسر احتيال النفس في جدب الحظ { قل فيهما إثْمٌ } الحجاب والبعد { ومنافعٌ للناس } في باب المعاش وتحصيل اللذّة النفسانية ، والفرح بالذهول عن الهيئات الرديئة المشوّشة والهموم المكدّرة . { الم تَرَ إلى الذين خرجُوا من دِيَارهم } أي : أوطانهم المألوفة ومقارّ نفوسهم المعهودة ومقاماتهم ومراتبهم من الدنيا وما ركنوا إليها بدواعي الهوى ، وهم قوم كثير { حذر الموت } الجهل والانقطاع عن الحياة الحقيقية والوقوع في المهاوي الطبيعية { فقال لهم الله مُوتوا } أي : أمرهم بالموت الإرادي ، أو أماتهم عن ذواتهم بالتجلي الذاتي ، حتى فنوا في الوحدة { ثم أحياهم } بالحياة الحقيقية العلمية ، أو به بالوجود الموهوب الحقاني ، والبقاء بعد الفناء . ولا يبعد أن يريد به ما أراد من قصة عزير ، أي : خرجوا هاربين من الموت الطبيعي فأماتهم الله { ثم أحياهم } بتعلق أرواحهم بأبدان من جنس أبدانهم ليحصلوا بها كمالهم . { وقاتِلُوا في سبيلِ الله } النفس والشيطان على الأول والثاني . وعلى الثالث لا تخافوا من الموت في مقاتلة الأعداء ، فإن الهرب منه لا ينفع كما لم ينفع أولئك . والله يحييكم كما أحياهم { قرضاً حسناً } هو بذل النفس بالجهاد ، أو بذل المال بالإيثار { والله يقبض ويبسط } أي : هو مع معاملتكم في القبض والبسط ، فإنكم بأوصافكم تستنزلون أوصافه . إن تبخلوا بما في أيديكم يضيّق عليكم ويقتر ، وإن تجودوا يوسع عليكم بحسب جودكم كما ورد في الحديث : " تنزل المعونة على قدر المؤونة " .