Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 246-248)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ طَالُوت } كان رجلاً فقيراً ، لا نسب له ، ولا مال ، فما قبلوه للمُلك . لأن استحقاق المُلك والرياسة عند العامة إنما هو بالسعادة الخارجية التي هي المال والنسب ، فنبّه نبيهم على أن الاستحقاق إنما يكون بالسعادتين الأخريين : الروحانية التي هي العلم . والبدنية : التي هي زيادة القوى وشدّة البنية والبسطة ، بقوله : { وزاده بسطَة في العلم والجسم } والله أعلم بمن يستحق المُلك فيؤتيه { من يشاء والله واسعٌ } كثير العطاء ، يؤتي المال كما يؤتي المُلك { عَليمٌ } بمن له الاستحقاق وما يحتاج إليه من المال الذي يعتضد به ، فيعطيه . ثم بيّن أن استحقاق المُلك له علامة أخرى وهي : إذعان الخلق له ، ووقوع هيبته ووقاره في القلوب ، وسكون قلوبهم إليه ، ومحبتهم له ، وقبولهم لأمره على الطاعة والانقياد . وهو الذي كان يسميه الأعاجم من قدماء الفرس " خوره " . وما يختص بالملوك كيان خوره ، ثم من بعدهم سموه " فر " فقالوا : كان فر للملك في أفريدون ، وذهب عن كي كاؤوس فر الملك ، فطلبوا من له الفر ، فوجدوا للملك المبارك كيخسرو وسمّاه " التابوت " أي : ما يرجع إليه من الأمور . لأنّ التابوت فعلوت من التوب ، أي : يأتيكم من جهته ما يرجع في ثبوت ملكه من الإذعان والطاعة والانقياد والمحبة له بإلقاء الله له ذلك في قلوبكم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نصرت بالرعب مسيرة شهر " أو ما يرجع إليه من الحالة النفسانية ، والهيئة الشاهدة له على صحة ملكه { فيه سكينة من ربّكم } أي : ما تسكن قلوبكم إليه { وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون } في أولادهم من المعنى المسمّى " فر " وهو نور ملكوتيّ تستضيء به النفس باتصالها بالملكوت السماوية ، واستفاضتها ذلك من عالم القدرة مستلزم لحصول علم السياسة وتدبير الملك والحكمة المزينة لها { تَحْمله الملائكة } أي : ينزل إليكم بتوسط الملائكة السماوية . ويمكن أنه كان صندوقاً فيه طلسم من باب نصرة الجيش وغيره من الطلسمات التي تذكر أنها للملك على ما يرى من أنه كان فيه صورة لها رأس كرأس الآدمي والهرّ ، وذنب كذنبه كالذي كان في عهد أفريدون المسمى " درفش كاويان " .