Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 260-260)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذ قَال إبرَاهيم رب أرِني كيفَ تُحْيي المَوْتى } أي : بلغني إلى مقام العيان من مقام العلم الإيقاني . ولهذا قرر إيمانه بهمزة الاستفهام التقريرية . فـ { قال أوَ لَمْ تُؤْمِن } أي : أو لم تعلم ذلك يقيناً ؟ ، وأجاب إبراهيم عليه السلام بقوله : { بَلى ولكن ليطمئن قلبي } أي : ليسكن وتحصل طمأنينته بالمعاينة ، فإنّ عين اليقين إنما يوجب الطمأنينة لا علمه { قال فَخُذ أربعَة منَ الطيْر } أي : القوى الأربعة التي تمنعه عن مقام العيان وشهود الحياة الحقيقية . وقيل : كانت طاووساً وديكاً وغراباً وحمامة . وفي رواية بطّة ، فالطاووس هو العجب ، والديك الشهوة ، والغراب الحرص ، والحمامة حبّ الدنيا لتألفها وكرها وبرجها . والظاهر أنها بطة فتكون إشارة إلى الغالب عليها { فصرهنّ إليكَ } أي : أملهنّ واضممهنّ إليك بضبطها ومنعها عن الخروج إلى طلب لذاتها والنزوع إلى مألوفاتها . وقيل : أمر بأن يذبحها وينتف ريشها ويخلط لحومها ودماءها بالدق ويحفظ رؤوسها عنده ، أي : يمنعها عن أفعالها ويزيل هيئاتها عن النفس ، ويقمع دواعيها وطبائعها وعاداتها بالرياضة ، ويبقي أصولها فيه . { ثم اجْعَل على كلّ جَبَل منهنّ جزءاً } أي : من الجبال التي بحضرتك ، وهي العناصر الأربعة التي هي أركان بدنه ، أي : اقمعها وأمتها حتى لا يبقى إلا أصولها المركوزة في وجودك وموادّها المعدّة في طبائع العناصر التي فيك . كانت الجبال سبعة ، فعلى هذا يشير بها إلى الأعضاء السبعة التي هي أجزاء البدن { ثم ادْعهنّ } أي : أنها إذا أنت حييت بحياتها كانت غير طيعة مستولية عليك ، وحشية ممتنعة عن قبول أمرك ، فإذا قتلتها كنت حياً بالحياة الحقيقية الموهوبة بعد الفناء والمحو . فتصير هي حيّة بحياتك لا بحياتها ، حياة النفس مطيعة لك منقادة لأمرك فإذا دعوتها { يأتينك سَعْياً } { واعْلَم أن الله عزِيزٌ } غالب على قهر النفوس { حكيمٌ } لا يقهرها إلا بحكمة . ويمكن حمله على حشر الوحوش والطيور ، وعلى هذا فيكون جعل أجزائها على الجبال تغذية الجسم بها ودعاؤه وإتيانه إليه ساعية توجهها إلى الإنسان بعد النشور .