Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 266-268)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أيودّ أحدكم } تمثيل لحال من عمل صالحاً إنفاقاً كان أو غيره متقرّباً به إلى الله مبتغياً رضاه ، كما في هذا القسم من الإنفاق ، ثم ظهرت نفسه فيه ، وتحرّكت ، فكانت حركاتها المتخالفة بحركة الروح ودواعيها المتفاوتة المضادّة لداعية القلب إعصاراً ، فافترض الشيطان حركتها واتخذها مجالاً له بالوسوسة ، فنفث فيها رؤية عملها أو رياء فكان ذلك النفث ناراً أحرقت عملها أحوج ما يكون إليه ، كما قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام : اللهم اغفر لي ما تقرّبت به إليك ثم خالفه قلبي " . { أنْفِقُوا من طيبات ما كَسبْتم } أمر بالقسم الثالث من الإنفاق من طيبات ما كسبتم ، إذ المختار بالله يختار الأشرف من كل شيء للمناسبة كما قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام : " إن الله جميل يحبّ الجمال " ومن كان في إنفاقه بالنفس لا يقدر على إنفاق الأشرف لضنّ النفس ومحبتها إياه ، واستئثارها به عن تخصيصه بالله ، فما كان بالنفس ليس ببر أصلاً لقوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّون } [ آل عمران ، الآية : 92 ] ، { ولا تَيَمموا الخَبيث منه تنفقون } تخصونه بالإنفاق كعادة المنفقين بالنفس والطبيعة { ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه } لمحبتكم الأطيب من المال لأنفسكم لاختصاص محبتكم بالذات إياها ، ولهذا لا تؤثرون الله بالمال عليها فتنفقوا أطيبه له { واعلموا أن الله غنيّ } فاتصفوا بغناه فتستفيضوا به عن المال ومحبته { حميدٌ } لا يفعل إلا الفعل المحمود ، فاقتدوا به . { الشيطان يَعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء } أي : الخصلة القبيحة التي هي البخل ، فتعوّذوا منه بالله ، فإنه { يعدكم مغفرة منه } أي : ستراً لصفات نفوسكم بنوره { وفضلاً } وموهبة من مواهب صفاته لكم وتجلياتها كالغنى المطلق فلا يبقى فيكم خوف الفقر { والله واسع } يسع ذواتكم وصفاتكم وعطاؤكم لا يضيق وعاء جوده بالعطاء ولا ينفد عطاياه { عليمٌ } بمواقع تجلياته واستعدادها واستحقاقها .