Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 27-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الذين يَنقُضُونَ عهد الله من بعد ميثاقِهِ } هو الذي أشار إليه في قوله : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف ، الآية : 172 ] . وقد ورد في الحديث : " أن الله تعالى مسح ظهر آدم بيده وأخرج ذريّته منه كهيئة الذرّ " … الحديث . فيد الله هو العقل الأقدس ، والروح الأول الذي هو روح العالم المسمّى يمين الرحمن ، وآدم هو النفس الناطقة الكلية التي هي قلب العالم . ومسحه ظهره تأثير العقل فيها وتنويره إياها بنوره بالاتصال الروحاني ، وإخراج ذريّته منه إيجاد النفوس الشخصية الجزئية التي كانت فيها بالقوّة ، وإخراجها إلى الفعل . وعهد الله إليهم بقوله : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } إيداع علم التوحيد في ذواتهم وميثاق ذلك العهد ركز أدلة التوحيد في عقولهم وإلزام ذلك العلم إياهم وجعله من اللوازم الذاتية لهم ، بحيث إذا تجرّدوا عن الصفات النفسانية والغواشي الجسمانية تبين لهم ذلك ، وانكشف عليهم أظهر شيء وأبينه وهو إشهادهم على أنفسهم لكون ذلك العلم ضرورياً حينئذ ، وإجابتهم لذلك بقولهم : { بَلَىٰ } قبولهم الذاتيّ له ، ونقض ذلك العهد انهماكهم في اللذات البدنية والغواشي الطبيعية وتعبدهم لهواهم وشهواتهم ، بحيث احتجبوا بها عن وحدة الله وتعبده ، وقطعهم ما أمر الله بوصله إعراضهم عن اتصال روح القدس والمبادئ العالية والأرواح السماوية التي هي الملأ الأعلى ، وسكان الحضرة الإلهية من أهل الجبروت والملكوت الذين يجانسونهم بذواتهم وصفاتهم ، وهم أهل قرابتهم الحقيقية ، ورحمهم الظاهر المأمور بوصله حقيقة بتوجههم إلى العالم السفليّ ومحبتهم للجواهر الفاسقة المظلمة ، وعشقهم وشغفهم بالأمور الخسيسة الفانية . ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ، ويبغض سفاسفها " ، إذ كلما كان مطلوب النفس أخسّ كانت عن العالم الشريف أبعد . @ ضروب الناس عشاق ضروبا فأغدرهم أشقهم جيوبا @@ وقد مرّ تفسير الإفساد في الأرض ، والخسران الذي هو تضييع الجوهر النوريّ الباقي لأجل الظلمانيّ الفاني .