Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 28-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كيف تكفرون بالله } أي : على أيّ حال تحجبون عنه { و } الحال أنكم { كنتم أمواتاً } نطفاً في أصلاب آبائكم { فأحياكُم } أي : لم لا تستدلون بالخلق على الخالق { ثم يُمِيتُكُم } بالموت الطبيعي { ثم يُحْيِيكُم } بالبعث ، إذ الأوّل معلوم بالمشاهدة ، والثاني بالاستدلال عليه بالإنشاء الأوّل { ثم إليه تُرْجَعُونَ } للمجازاة ، أو ثم يميتكم عن أنفسكم بالموت الإراديّ الذي هو الفناء في الوحدة ثم يحييكم بالحياة الحقيقية التي هي البقاء بعد الفناء بالوجود الموهوب الحقانيّ . ثم إليه ترجعون للمشاهدة إن كانت الوحدة وحدة الصفات ، أو الشهود إن كانت وحدة الذات . { هو الذي خلق لكم ما في الأرضِ جميعاً } أي : الجهة السفليّة التي هي العالم العنصريّ جميعاً لكونها مبادئ خلقكم وموادّ وجودكم وبقائكم { ثم استوى } أي : قصد قصداً مستوياً إلى الجهة العلوية ، وثم للتفاوت بين الجهتين والإيجادين الإبداعيّ والتكويني لا للتراخي بين الزمانين ليلزم تقدّم خلق الأرض على السماء . فعدّلهنّ سبع سموات بحسب ما تراه العامة ، إذ الثمن والتاسع هو الكرسيّ والعرش الظاهران . والحقيقة أنّ الجهة السفليّة هي العالم الجسمانيّ كالبدن وأعضائه لدنوّ رتبته بالنسبة إلى العالم الروحانيّ الذي هو الجهة العلوية المعبر عنها بالسماء . وثم للتفاوت بين الخلق والأمر . وسواهنّ سبع سموات إشارة إلى مراتب عالم الروحانيات ، فالأول : هو عالم الملكوت الأرضية والقوى النفسانية والجنّ . والثاني : عالم النفس . والثالث : عالم القلب . والرابع : عالم العقل . والخامس : عالم السرّ . والسادس : عالم الروح . والسابع : عالم الخفاء الذي هو السرّ الروحيّ غير السرّ القلبيّ . وإلى هذا أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : " سلوني عن طرق السماء ، فإني أعلم بها من طرق الأرض " ، وطرقها : الأحوال والمقامات كالزهد ، والتوكل ، والرضا ، وأمثالها . واعلم أنّ العقل باصطلاح الحكمة هو الروح باصطلاح أهل التصوّف ، والذي سميناه ههنا بالعقل على اصطلاح المتصوّفة هو القوّة العاقلة التي للنفس الناطقة عند الحكماء . ولهذا قالت المتصوّفة : العقل هو موضع صقيل من القلب ، متنوّر بنور الروح . والقلب هو النفس الناطقة ، فاحفظه لئلا يتشوّش الفهم باختلاف الاصطلاح .