Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 51-57)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد آتينا إبراهيم } الروح { رشده } المخصوص به الذي يليق بمثله وهو الاهتداء إلى التوحيد الذاتي ومقام المشاهدة والخلة { من قبل } أي : قبل مرتبة القلب والعقل متقدّماً عليهما في الشرف والعزّ { وكنا به عالمين } أي : لا يعلم بكماله وفضيلته غيرنا لعلوّ شأنه . { إذ قال لأبيه } النفس الكلية { وقومه } من النفوس الناطقة السماوية وغيرها { ما هذه التماثيل } أي : الصور المعقولة من حقائق العقول والأشياء وماهيات الموجودات المنتقشة فيها { التي أنتم لها عاكفون } مقيمون على تمثلها وتصوّرها وذلك عند عروجه من مقام الروح المقدّسة وبروزه عن الحجب النورية إلى فضاء التوحيد الذاتي ، كما قال عليه السلام : { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً } [ الأنعام ، الآيات : 78 - 79 ] ، ومن هذا المقام قوله لجبريل عليه السلام : أما إليك فلا . { وجدنا آباءنا } عللنا من العوالم السابقة على النفوس كلها من أهل الجبروت { لها عابدين } باستحضارهم إياها في ذواتهم لا يذهلون عنها { في ضلال مبين } في حجاب عن الحق نوريّ ، غير واصلين إلى عين الذات عاكفين في برازخ الصفات لا تهتدون إلى حقيقة الأحدية والغرق في بحر الهوية { أجئتنا بالحق } أي : أحدث مجيئك إيانا من هذا الوجه بالحق فيكون القائل هو الحق عزّ سلطانه أم استمر بنفسك كما كان فتكون أنت القائل فيكون قولك لعباً لا حقيقة له . فإن كنت قائماً بالحق ، سائراً بسيره ، قائلاً به ، صدقت وقولك الجدّ وتفوّقت علينا ، وتخلفنا عنك ، وإن كنت بنفسك فبالعكس { بل ربّكم } الجائي والقائل ربكم الذي يربكم بالإيجاد والتقويم والإحياء والتجريد والإنباء والتعليم ربّ الكل الذي أوجده { وأنا على ذلكم } الحكم بأن القائل هو الحق الموصوف بربوبية الكل { من الشاهدين } وهذا الشهود هو شهود الربوبية والإيجاد وإلا لم يقل أنا وعلي إذ الشهود الذاتي هو الفناء المحض الذي لا أنائية فيه ولا إثنينية ، وتلك الإثنينية بعد الإفصاح بأن الجائي والقائل هو الحق الذي أوجد الكل مشعرة بمقام الكل المتخلف عن مقام { لأكيدنّ أصنامكم } لأمحونّ صور الأشياء وأعيان الموجودات التي عكفتم على إيجادها وحفظها وتدبيرها ، وأقبلتم على إثباتها بعد أن تعرضوا عن عين الأحدية الذاتية بالإقبال إلى الكثرة الصفاتية بنور التوحيد .