Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 58-67)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فجعلهم } بفأس القهر الذاتي والشهود العيني { جذاذاً } قطعاً متلاشية فانية { إلا كبيراً لهم } هو عينه الباقي على اليقين الأول الذي به سمى الخليل خليلاً { لعلهم إليه يرجعون } يقبلون منه الفيض ويستفيضون منه النور والعلم كما استفاض هو منه أولاً . { قالوا } أي : قالت النفوس العاشقة بالعقول { من فعل هذا } الاستخفاف والتحقير { بآلهتنا } التي هي معشوقاتنا ومعبوداتنا بنسبتها إلى الاحتجاب والنظر إليها بعين الفناء وجعلها بقوّة الظهر كالهباء ، متعجبين منه ، معظمين له ، مستعظمين لأمره { إنه لمن الظالمين } الناقصين حقوق المعبودات المجرّدة وجميع الموجودات من الوجودات والكمالات بنفيها عنهم وإثباتها للحق ، أو الناقصين حق نفسهم بإفنائها وقهرها { قالوا سمعنا فتى } كاملاً في الفتوّة والشجاعة على قهر ما سوى الله من الأغيار والسخاوة ببذل النفس والمال { يذكرهم } بنفي القدرة والكمال عنهم ونسبة العدم والفناء إليهم { فأتوا به } أي : استحضروه وأحضروه معايناً لجميع النفوس { لعلهم يشهدون } كماله وفضيلته فيستفيدون منه . { أأنت فعلت هذا } صورة إنكار لما لم يعرفوا من كماله إذ كل ما يمكن للنفوس معرفته فهو دون كمال العقول التي هي معشوقاتها وهي محجوبة عن كماله الإلهي الذي هو به أشرف منها { قال بل فعله كبيرهم } أي : ما فعلته بأنائيتي التي أنا بها أحسن منها ، بل بحقيقتي وهويتي التي هي أشرف وأكبر منها { فاسألوهم إن كانوا ينطقون } بالاستقلال ، أي : لا نطق لهم ولا علم ولا وجود بأنفسهم بل بالله الذي لا إله إلا هو . { فرجعوا إلى أنفسهم } بالإقرار والإذعان معترفين بأن الممكن لا وجود له بنفسه فكيف كماله { فقالوا إنكم أنتم الظالمون } بنسبة الوجود والكمال إلى الغير لا هو { ثم نكسوا على رؤوسهم } حياء من كماله ونقصهم وخضوعاً وانفعالاً منه { لقد علمت } بالعلم اللدني الحقاني فناءهم فنفيت النطق عنهم ، وأما نحن فلا نعلم إلا ما علمنا الله فاعترفوا بنقصهم كما اعترفوا به عند معرفتهم لآدم بعد الإنكار ، فقالوا : { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ } [ البقرة ، الآية : 32 ] . { أفتعبدون من دون } وتعظمون غيره مما لا ينفع ولا يضر ، إذ هو النافع الضارّ لا غير { أفٍ لكم } أتضجر بوجودكم ووجود معبوداتكم ووجود كل ما سواء تعالى { أفلا تعقلون } أن لا مؤثر ولا معبود إلا الله .