Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 68-73)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حرّقوه } أي : اتركوه يحترق بنار العشق التي أنتم أوقدتموها أولاً بإلقاء الحقائق والمعارف إليه التي هي حطب تلك النار عند رؤيته ملكوت السموات والأرض بإراءة الله إياه ، كما قال : { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ الأنعام ، الآية : 75 ] وإشراق الأنوار الصفاتية والأسمائية عند تجليات الجمال والجلال عليه من وراء أستار أعيانكم التي هي منشأة اتقاد تلك النار { وانصروا آلهتكم } أي : معشوقاتكم ومعبوداتكم في الإمداد بتلك الأنوار وإيقاد تلك النار { إن كنتم فاعلين } بأمر الحق . { يا نار كوني برداً وسلاماً } بالوصول حال الفناء ، فإن لذّة الوصول تفيد الروح الكامل والسلامة عن نقص الحدثان وآفة النقصان والإمكان في عين نار العشق { وأرادوا به كيداً } بإفنائه وإحراقه { فجعلناهم الأخسرين } الأنقصين منه كمالاً ورتبة { ونجيناه } ولوط العقل بالبقاء بعد الفناء بالوجود الحقاني الموهوب إلى أرض الطبيعة البدنية { التي باركنا فيها } بالكمالات العملية المثمرة والآداب الحسنة المفيدة والشرائع والملكات الفاضلة { للعالمين } أي : المستعدّين لقبول فيضه وتربيته وهدايته . { ووهبنا له إسحاق } القلب للردّ إلى مقامه بتكميل الخلق حال الرجوع عن الحق { ويعقوب } النفس المرتاضة الممتحنة بالبلاء ، المطمئنة باليقين والصفاء { نافلة } متنوّرة بنور القلب متولّدة منه { وكلاً جعلنا صالحين } بالاستقامة والتمكين في الهداية { وجعلناهم أئمة } لسائر القوى والنفوس الناقصة المستعدة { يهدون بأمرنا } أما الروح فبالأحوال والمشاهدات والأنوار ، وأما القلب فبالمعارف والمكاشفات والأسرار ، وأما النفس فبالأخلاق والمعاملات والآداب ، وهي المراد بقوله : { وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين } بالتوحيد والعبودية الحقّة في مقام التجريد والتفريد ، وهذا هو تطبيق ظاهر إبراهيم على باطنه . وقد يمكن أن يؤول بضرب آخر من التأويل مناسب لما قال النبي عليه السلام : " كنت أنا وعليّ نورين نسبح الله تعالى ونحمده ونهلّله ، وسبّحته الملائكة بتسبيحنا وحمدته بتحميدنا ، وهلّلته بتهليلنا . فلما خلق آدم عليه السلام انتقلنا إلى جبهته ومن جبهته إلى صلبه إلى شيث " . إلى آخر الحديث . وهو : أن الروح الإبراهيمي ، قدّسه الله تعالى ، كان كاملاً في أول مراتب صفوف الأرواح مفيضاً على أطوار الملكوت كمالاتهم ، جابراً لنقصهم ، كاسراً لأصنام أعيان الموجودات وآلهة الذوات الممكنات من المادية والمجرّدات بنور التوحيد طاوياً لمراتب الكمالات ، ذاوياً للواقفين مع الصفات والمحجوبين بالغير عن الذات ، فوضعه نمروذ النفس الطاغية ، العاصية ، وقواها التي هي قومه ، في منجنيق الذكر والقوّة في نار حرارة طبيعة الرحم ، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ، أي : روحاً وبراءة من الآفات ، أي : وضعوا درّة وجوده التي هي مظهر روحه ونجيناه إلى أرض البدن التي باركنا فيها للعالمين بهدايته إياهم وتكميله وتربيته لهم فيها بالعلوم والأعمال التي هي أرزاقهم الحقيقية وأوصافهم الكمالية .