Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 35-35)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الله نور السماوات والأرض } النور هو الذي يظهر بذاته وتظهر الأشياء به ، وهو مطلقاً اسم من أسماء الله تعالى باعتبار شدّة ظهوره وظهور الأشياء به ، كما قيل : @ خفيّ لإفراط الظهور تعرّضت لإدراكه أبصار بوم أخافش وحفظ العيون الزرق من نور وجهه كشدّة حظ للعيون العوامش @@ ولما وجد بوجوده ، وظهر بظهوره ، كان نور السموات والأرض ، أي : مظهر سموات الأرواح وأرض الأجساد وهو الوجود المطلق الذي وجد به ما وجد من الموجودات والإضاءة { مثل نوره } صفة وجوده وظهوره في العالمين بظهورها به كمثل { مشكاة فيها مصباح } وهي إشارة إلى الجسد لظلمته في نفسه وتنوّره بنور الروح الذي أشير إليه بالمصباح وتشبكه بشباك الحواس وتلألؤ النور من خلالها كحال المشكاة مع المصباح . والزجاجة إشارة إلى القلب المتنوّر بالروح المنوّر لما عداه بالإشراق عليه ، تنور القنديل كله بالشعلة وتنويره لغيره . وشبّه الزجاجة بالكوكب الدريّ لبساطتها وفرط نوريتها وعلوّ مكانها وكثر شعاعها كما هو الحال في القلب . والشجرة التي توقد منها هذه الزجاجة هي النفس القدسية المزكاة ، الصافية ، شبّهت بها لتشعب فروعها وتفنن قواها ، نابتة من أرض الجسد ومتعالية أغصانها في قضاء القلب إلى سماء الروح ، وصفت بالبركة لكثرة فوائدها ومنافعها من ثمرات الأخلاق والأعمال والمدركات وشدّة نمائها بالترقي في الكمالات وحصول سعادة الدارين ، وكمال العالمين بها ، وتوقف ظهور الأنوار والأسرار والمعارف والحقائق والمقامات والمكاسب والأحوال والمواهب عليها ، وخصّت بالزيتونة لكون مدركاتها جزئية مقارنة لنوء اللواحق المادية كالزيتون ، فإنه ليس كله لبّاً ، ولوفور قلّة استعدادها للاشتعال والاستضاءة بنور نار العقل الفعال ، الواصل إليها بواسطة الروح والقلب كوفور الدهنية القابلة لاشتعال الزيتون . ومعنى كونها { لا شرقية ولا غربية } إنها متوسطة بين غرب عالم الأجساد الذي هو موضع غروب النور وبروزه عن الحجاب النوراني لكونها ألطف وأنور من الجسد وأكثف من الروح . { يكاد } زيت استعدادها من النور القدسي الفطري الكامن فيها ، يضيء بالخروج إلى الفعل والوصول إلى الكمال بنفسه ، فتشرق { ولو لم تمسسه نار } العقل الفعال . ولم يتصل به نور روح القدس لقوّة استعداده وفرط صفائه { نور على نور } أي : هذا المشرق بالإضاءة من الكمال الحاصل نور زائد على نور الاستعداد الثابت المشرق في الأصل كأنه نور متضاعف { يهدي الله لنوره } الظاهر بذاته المظهر لغيره ، بالتوفيع والهداية { من يشاء } من أهل العناية ليفوز بالسعادة { والله بكل شيء عليم } يعلم الأمثال وتطبيقها ، ويكشف لأوليائه تحقيقها .