Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 45-64)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والله خلق كل دابة } من أصناف دواب الدواعي التي تدبّ في أراضي النفوس وتبعثها إلى الأفعال { من ماء } مخصوص ، أي : علم مناسب لتلك الداعية المتولدة منه . فإن منشأ كل داعية إدراك مخصوص . { فمنهم من يمشي على بطنه } ويزحف في الطبيعة ، ويحدث الأعمال البدنية الطبيعية { ومنهم من يمشي على رجلين } من الدواعي الإنسانية فيحدث الأعمال الإنسانية والكمالات العملية { ومنهم من يمشي على أربع } من الدواعي الحيوانية فيبعث على الأعمال السبعية والبهيمية { يخلق الله ما يشاء } من هذه الدواعي من منشأ قدرته الباهرة ، الكاملة في إنشاء الأعمال ويهدي من يشاء بالآيات السابقة المذكورة من الحكم والمعاني والمعارف والحقائق من منشأ حكمته البالغة التامة في إظهار العلوم والأحوال إلى صراط التوحيد الموصوف بالاستقامة إليه { ويقولون آمنا بالله وبالرسول } أي : يدّعون التوحيد جمعاً وتفصيلاً والعمل بمقتضاه { ثم يتولى فريق منهم } بترك العمل بمقتضى الجمع والتفصيل ، بارتكاب الإباحة والتزندق { وما أولئك بالمؤمنين } الإيمان الذي عرفته وادّعوه من العلم بالله جمعاً وتفصيلاً . { ومن يطع الله } باطناً بشهود الجمع { ورسوله } ظاهراً بحكم التفصيل { ويخشى الله } بالقلب بمراقبة تجليات الصفات { ويتّقه } بالروح عن ظهور أنائيته في شهود الذات { فأولئك هم الفائزون } بالفوز العظيم . { وعد الله الذين آمنوا منكم } باليقين { وعملوا الصالحات } باكتساب الفضائل { ليستخلفنهم } وأقسم ليجعلنهم خلفاء في أرض النفس إذ جاهدوا في الله حق جهاده { كما استخلف الذين } سبقوهم إلى مقام الفناء في التوحيد من أوليائه { وليمكنن لهم } بالبقاء بعد الفناء { دينهم } طريق الاستقامة فيه المرضية { وليبدلنهم من بعد خوفهم } في مقام النفس { أمناً } بالوصول والاستقامة { يعبدونني } أي : يوحدونني من غير التفات إلى غيري وإثباته { ومن كفر بعد ذلك } بالطغيان بظهور الأنائية ، وخرج عن الاستقامة والتمكين والتلوين { فأولئك هم الفاسقون } الخارجون عن دين التوحيد .