Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 43-44)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ألم تر أن الله يزجي } برياح النفخات والإرادات سحاب العقل فروعاً منتزعة من الصور الجزئية ثم يؤلف فيه على ضروب المتألفات المنتجة { ثم يجعله ركاماً } حججاً وبراهين { فترى } ودق النتائج والعلوم اليقينية { يخرج من خلاله وينزل من } سماء الروح من جبال أنوار السكينة واليقين الموجبة للوقار والطمأنينة والاستقرار { فيها } أي في تلك الجبال من برد الحقائق والمعارف الكشفية والمعاني الذوقية ، أو من جبال في السماء وهي معادن العلوم والكشوف وأنواعها ، فإنّ لكل علم وصنعة معدناً في الروح ثابتاً فيه بحسب الفطرة ، يفيض منه ذلك العلم ، ولهذا يتأتى لبعضهم بعض العلوم بالسهولة دون بعض ، ويتأتى لبعضهم أكثرها ولا يتأتى لبعضهم شيء منها ، وكل ميسر لما خلق له ، أي : ينزل من سماء الروح من الجبال التي فيها برد المعارف والحقائق { فيصيب به من يشاء } من القوى الروحانية { ويصرفه عمن يشاء } من القوى النفسانية والنفوس المحجوبة . { يكاد سنا برقه } أي : ضوء بوارق ذلك البرد ، وهو ما يقدّمه من الأنوار الملتمعة التي لا تلبث ولا تستقرّ بل تلمع وتخفى إلى أن تصير متمكنة تذهب بأبصار البصائر حيرة ودهشاً ، وكلما زاد ازدادت تحيراً ، ولهذا قال عليه السلام : " ربّ زدني تحيّراً " أي : علماً ونوراً { يقلب الله } ليل ظلمة النفس ونهار نور الروح بأن يغلب تارة نور الروح فينوّر القلب والنفس ويعقبه أخرى ظلمة النفس بالظهور فتتكدّر وتكدّر القلب في التلوينات { إنّ في ذلك لعبرة } يعتبر بها أولو الأبصار القلبية أو البصائر ، فيلتجئون إلى الله في التلوينات وظلم النفس ، ويلوذون بجناب الحق ومعدن النور ، ويعبرون إلى مقام السر والروح ، فينكشف عنهم الحجاب .