Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 20-29)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وأنا من الضالين } أي : لست من الكافرين لكون الصلاح في ذلك بل من الذين لا يهتدون إلى طريق الوحدة . { فوهب لي ربّي حكماً } أي : حكمة متعالية عن طريق البرهان وراء طور الكسب والعقل { وجعلني من المُرْسلين } إليكم بها . وأما تعبيد بني إسرائيل القوى التي هي قومي فليس بمنّة تمنها عليّ ، بل عدوان وطغيان إذ لو لم تعبدهم لما ألقتني أمي الطبيعة البدنية في يمّ الهيولى في تابوت الجسد ، ولقام بتربيتي أهلي وقومي من القوى الروحانية . { قال فرعون وما ربّ العالمين } قيل في القصة : إن فرعون كان منطقياً مباحثاً سأل بما هو عن حقيقته تعالى ، فلما أجابه موسى عليه السلام بقوله : { رب السموات والأرض وما بينهما } وبيّن أنّ حقيقته لا تعرف بالحدّ لبساطتها ، غير معلومة للعقل لشدّة نوريتها ولطافتها ، بأن عرّفها بالصفة الإضافية والخاصة اللازمة ، وعرّض به في تجهيله ونفي الإيقان عنه بقوله : { إن كنتم موقنين } أي : لو كنتم من أهل الإيقان لعلمتم أن لا طريق للعقل إلى معرفته إلا الاستدلال على وجوده بأفعاله الخاصة به ، وأما حقيقته فلا يعرفها إلا هو وحده وما سألتم عنه بما مما لا يصل إليه نظر العقل . استخفه ونبّه قومه على خفة عقله وكون جوابه غير مطابق للسؤال تعجباً منه لقومه وتسفيهاً له ، فلما ثنى قوله بمثل ما قال أولاً من إيراد خاصة أخرى جننه ، فثلث بقوله : { إن كنتم تعقلون } أي : إن جننت فأين عقلكم حتى يعرف طوره ولم يتجاوز حدّه . وهذه المقالة إشارة إلى أن النفس المحجوبة بمعقولها لا تهتدي إلى معرفة الحق وحكمة الرسالة والشرع ، ولا تذعن للمتابعة ، ولا تنقاد للمطاوعة بل تظهر بالأنائية وطلب العلوم والربوبية والتغلب على الرسالة الإلهية وهو معنى قوله : { لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين } .