Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-24)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وتفقد } حال طير القوى الروحانية ففقد هدهد القوة المفكرة لأن القوة المفكرة إذا كانت في طاعة الوهم كانت متخيلة والمفكرة غائبة بل معدومة ، ولا تكون مفكرة إلا إذا كانت مطيعة للعقل { لأعذبنه عذاباً شديداً } بالرياضة القوية ومنعها عن طاعة الوهمية وتطويعها للعاقلة { أو لأذبحنّه } بالإماتة { أو ليأتين بسلطان مبين } أو تصير مطواعة للعقل لصفاء جوهرها ونورية ذاتها فتأتي بالحجة البينة في حركتها . { فمكث غير بعيد } أي : لم يطل زمان رياضتها لقدسيتها وما احتاجت إلى الإماتة لطهارتها حتى رجعت بسلطان مبين ، وتمرّنت في تركيب الحجج على أصح المناهج { فقال أحطت بما لم تحط به } من أحوال مدينة البدن وإدراك الجزئيات وتركيبها مع الكليات ، فإن القلب لا يدرك بذاته إلاّ بالكليات ولا يضمها إلى الجزئيات في تركيب القياس ، واستنتاج واستنباط الرأي إلا الفكر وبواسطته يحيط بأحوال العالمين ويجمع بين خيرات الدارين { وجئتك من سبأ } مدينة الجسد { بنبأ يقين } عيانيّ مشاهد بالحسّ . { إني وجدت امرأة تملكهم } هي الروح الحيوانية ، المسمّاة باصطلاح القوم : النفس { وأوتيت من كل شيء } من الأسباب التي يدبرها البدن ويتم بها تملكه { ولها عرش عظيم } هو الطبيعة البدنية التي هي متكؤها بهيئة ارتفاعها من طبائع البسائط العنصرية التي هي المزاج المعتدل ، أو تؤوّل مدينة سبأ بالعالم الجسماني ، والعرش بالبدن . { وجدتها وقومها يسجدون } لشمس عقل المعاش المحجوب عن الحق بانقيادها له وإذعانها لحكمه دون الانقياد لحكم الروح والانخراط في سلك التوحيد ، والإذعان لأمر الحق وطاعته { وزين لهم } شيطان الوهم { أعمالهم } من تحصيل الشهوات واللذات البدنية والكمالات الجسمانية { فصدّهم عن } سبيل الحق وسلوك طريق الفضيلة بالعدل { فهم لا يهتدون } إلى التوحيد والصراط المستقيم .