Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 33-43)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأخي هارون } العقل { هو أفصح مني لساناً } لأن العقل بمثابة لسان القلب ولولاه لم يفهم أحوال القلب ، إذ الذوقيات ما لم تدرج في صورة المعقول وتتنزل في هيئة العلم والمعلوم ، وتقرب بالتمثيل والتأويل إلى مبالغ فهوم العقول والنفوس لم يمكن فهمها { ردءاً يصدّقني } عوناً يقرّر معناي في صورة العلم بمصداق البرهان { إني أخاف أن يكذبون } لبعد حالي عن أفهامهم وبعدهم عن مقامي وحالي فلا بدّ من متوسط . { سنشدّ عضدك بأخيك } نقويك بمعاضدته { ونجعل لكما } غلبة بتأثيرك فيهم بالقدرة الملكوتية وتأييدك العقل بالقوّة القدسية ، وإظهار العقل كمالك في الصورة العملية والحجّة القياسية { فأوقد لي يا هامان } نار الهوى على طين الحكمة الممتزجة من ماء العلم وتراب الهيئات المادية { فاجعل لي } مرتبة عالية من الكمال ، من صعد إليها كان عارفاً . وهو إشارة إلى احتجابه بنفسه ، وعدم تجرّد عقله من الهيئات المادّية لشوب الوهم . أي : حاولت النفس المحجوبة بأنائيته من عقل المعاش المحجوب بمعقوله أن يبني بنياناً من العلم والعمل المشوبين بالوهميات ، ومقاماً عالياً من الكمال الحاصل بالدراسة والتعلّم لا بالوراثة والتلقي ، من استعلى عليه توهم كونه عارفاً بالغاً حدّ الكمال ، كما ذكر في الشعراء أنهم كانوا قوماً محجوبين بالمعقول عن الشريعة والنبوّة ، متدربين بالمنطق والحكمة ، معتنين بهما ، معتقدين الفلسفة غاية الكمال ، منكرين للعرفان والسلوك والوصال { لعلي أطلع إلى إله موسى } بطريقة التفلسف ، وإنما ظنّه من الكاذبين لقصوره عن درجة العرفان والتوحيد ، واحتجابه بصفة الأنائية والطغيان والتفرعن بغير الحق من غير أن يتّصفوا بصفة الكبرياء عند الفناء ، فيكون تكّبرهم بالحق لا بالباطل عن صفات نفوسهم .