Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 44-54)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وما كنت بجانب الغربيّ } أي : جانب غروب شمس الذات الأحدية في عين موسى واحتجابها بعينه في مقام المكالمة لأنه سمع النداء من شجرة نفسه ، ولهذا كانت قبلته جهة المغرب ودعوته إلى الظاهر التي هي مغارب شمس الحقيقة بخلاف عيسى عليه السلام { إذ قضينا إلى موسى الأمر } أوحينا إليه بطريق المكالمة { وما كنت من الشاهدين } مقامه في مرتبة نقبائه وأولياء زمانه الذين شهدوا مقامه ، ولكن بعد قرنك من قرنه بإنشاء قرون كثيرة بينهما فنسوا فأطلعناك على مقامه وحاله في معراجك وطريق صراطك ليتذكروا { وما كنت ثاوياً } مقيماً { في أهل مدين } مقام الروح { تتلو عليهم } علوم صفاتنا ومشاهداتنا ، بل كنت في طريقك إذ ترقيت من الأفق الأعلى فدنوت من الحضرة الأحدية إلى مقام قاب قوسين أو أدنى ، فأخبرتهم بذلك عند إرسالنا إياك بالرجوع إلى مقام القلب بعد الفناء في الحق . { وما كنت بجانب الطور } مقام السرّ واقفاً { ولكن رحمة } تامّة واسعة شاملة { من ربّك } تداركتك ورقّتك إلى مقام الفناء في الوحدة الذي تتدرّج فيه مقامات جميع الأنبياء وصارت وصفك وصورة ذاتك عند التحقق به في مقام البقاء والإرسال لتعم نبوّتك بختم النبوّات و { لتنذر قوماً } بلغت استعدادتهم في القبول حدّاً من الكمال ما بلغ استعدادات آبائهم الذين كانوا في زمن الأنبياء المتقدّمين وتدعوهم إلى كمال مقام المحبوبين الذي لم يدع إليه أحد منهم أمّته فـ { ما أتاهم من نذير من قبلك } يدعوهم إلى ما دعوت إليه { لعلهم يتذكرون } بالوصول إلى كمال المحبة . { الذين آتيناهم } العقل القرآني والفرقاني { من قبله هم به يؤمنون } لكمال استعدادهم دون غيرهم { إنّا كنا من قبله مُسلِمين } وجوهنا لله بالتوحيد ، منقادين لأمره . { أولئك يؤتون أجرهم مرّتين } أولاً في القيامة الوسطى من جانب الأفعال والصفات قبل الفناء في الذات ، وثانياً في القيامة الكبرى عند البقاء بعد الفناء من الجنّات الثلاث { ويدرؤون بالحسنة } المطلقة من شهود أفعال الحق والصفات والذات { السيئة } المطلقة من أفعالهم وصفاتهم وذواتهم { ومما رزقناهم يُنْفقون } بالتكميل وإفاضة الكمالات على المستعدّين القابلين .