Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 118-118)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لا تتخذوا بطانة من دونكم } بطانة الرجل صفيه وخليصه الذي يبطنه ويطلع عليه أسراره ، ولا يمكن وجود مثل هذا الصديق إلا إذا اتحدا في المقصد واتفقا في الدين والصفة ، متحابين في الله لا لغرض كما قيل في الأصدقاء : نفس واحدة في أبدان متفرّقة ، فإذا كان من غير أهل الإيمان فبأن يكون كاشحاً أحرى . ثم بيّن نفاقه واستبطانه العداوة بقوله : { لا يألونكم خبالاً } إلى آخره ، إذ المحبة الحقيقية الخالصة لا تكون إلا بين الموحدين ، لكونها ظلّ الوحدة فلا تكون بين المحجوبين لكونهم في عالم التضادّ والظلمة . فأين الصفاء والوفاق في عالمهم ؟ بل ربما تتآلفهم الجنسية العامة الإنسانية لاشتراكهم في النوع والمنافع والملاذ واحتياجهم إلى التعاون فيها ، فإذا لم تتحصل أغراضهم من النفع واللذّة تهارشوا وتباغضوا وبطلت الإلفة التي كانت بينهم ، لكونها مسببة عن أمر قد تغير إذ النفس منشأ التغير والمنافع الدنيوية لا تبقى بحالها ، واللذات النفسانية سريعة الانقضاء فلا تدوم المحبة عليها بخلاف المحبة الأولى ، فإنها مستندة إلى أمر لا تغير فيه أصلاً ، هذا إذا كانت فيما بينهم ، فكيف إذا كانت بينهم وبين من يخالفهم في الأصل والوصف ؟ وأنّى يتجانس النور والظلمة ؟ ومن أين يتوافق العلو والسفل ؟ فبينهما عداوة حقيقية وتخالف ذاتي لا تخفى آثاره كما بيّن الله تعالى بقوله : { قد بدت البغضاء من أفواههم } لامتناع اختفاء الوصف الذاتيّ . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أضمر أحد شيئاً إلا وأظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه " { وما تخفي صدورهم أكبر } لأنه نار وهذا شرار ، ذاك أصل ، وهذا فرعه { قد بيّنا لكم الآيات } دلائل المحبة والعداوة وأسبابهما { إن كنتم تعقلون } أي : تفهمون من فحوى الكلام .