Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 32-34)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال : { قل أطيعُوا الله والرسول } أي : إن لم تكونوا محبين ولم تستطيعوا متابعة حبيبي فلا أقل من أن تكونوا مريدين ، مطيعين لما أمرتم به ، فإن المريد يلزمه متابعة الأمر وامتثال المأمور به { فإن تولوا فإنّ الله لا يحبّ الكَافرين } أي : إن أعرضوا عن ذلك أيضاً ، فهم كفّار منكرون محجوبون ، والله لا يحب من كان كافراً . فبترك الطاعة يلزم الكفر ، وبترك المتابعة لا يلزم ، لأنّ تارك المتابعة يمكن أن يكون مطيعاً بمتابعة الأمر . ومعنى { أطيعوا الله والرسول } : أطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [ النساء : 80 ] . { إنّ الله اصطفى آدمَ ونُوحاً } الاصطفاء أعمّ من المحبة الخلة ، فيشمل الأنبياء كلهم لأنهم خيرة الله وصفوته ، وتتفاضل فيه مراتبهم ، كما قال تعالى : { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْض } [ البقرة ، الآية : 253 ] ، فأخص المراتب هو المحبة ، وأشار إليه بقوله تعالى : { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات } [ البقرة ، الآية : 253 ] فلذلك كان أفضلهم حبيب الله محمداً صلى الله عليه وسلم ثم الخلّة التي هي صفة إبراهيم عليه السلام ، وأعمها الاصطفاء ، أي : صفة آدم عليه السلام { ذريّة بعضها من بَعض } في الدين والحقيقة ، إذ الولاية قسمان : صورية ومعنوية ، وكل نبيّ يتبع نبيّاً آخر في التوحيد والمعرفة ، وما يتعلق بالباطن من أصول الدين فهو ولده كأولاد المشايخ في زماننا هذا . وكما قيل : الآباء ثلاثة : أب ولدك ، وأب رباك ، وأب علمك . فكما أن وجود البدن في الولادة الصورية يتولد في رحم أمّه من نطفة أبيه ، فكذلك وجود القلب في الولادة الحقيقية يظهر في رحم استعداد النفس من نفحة الشيخ والمعلم . وإلى هذه الولادة أشار عيسى عليه السلام بقوله : " لن يلج ملكوت السموات من لم يُولَد مرتين " . واعلم أنّ الولادة المعنوية أكثرها يتبع الصورية في التناسل ، ولذلك كان الأنبياء في الظاهر أيضاً نسلاً ، ثم ثمر شجرة واحدة ، فإن عمران بن يصهر أبا موسى وهارون كان من أسباط لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وعمران بن ماثان أبا مريم أم عيسى عليه السلام كان من أسباط يهود بن يعقوب ، وكون محمد عليه الصلاة والسلام من أسباط إسماعيل بن إبراهيم مشهور وكذا كون إبراهيم من نوح عليه السلام . وسببه أنّ الروح في الصفاء والكدورة يناسب المزاج في الاعتدال وعدمه وقت التكوّن ، فلكلّ مزاج يناسبه ويخصّه ، إذ الفيض يصل بحسب المناسبة وتفاوت الأرواح في الأزل بحسب صنوفها ومراتبها في القرب والبُعد ، فتتفاوت الأمزجة بحسبها في الأبد لتتصل بها . والأبدان المتناسلة بعضها من بعض متشابهة في الأمزجة على الأكثر ، اللهمّ إلا لأمور عارضة اتفاقية ، فكذلك الأرواح المتصلة بها متقاربة في الرتبة ، متناسبة في الصفة . وهذا مما يقوي أن المهديّ عليه السلام من نسل محمد صلى الله عليه وسلم .